زاوية حادة: للصحة والداخلية: تجريم سماعة الغش... والفساد «أن تتردَّدا»

نشر في 19-05-2024
آخر تحديث 18-05-2024 | 20:35
 بدر خالد البحر

إن الفساد الذي كان يرعاه معظم أعضاء مجلس الأمة من الحجم الذي لا يمكن حصره، نظراً لاستشرائه في جميع أروقة الدولة، ومنها وزارة التربية و«التطبيقي» والجامعة، جنباً إلى فساد بعض العاملين فيها من قيادات إلى مدرسين وأساتذة ودكاترة. فساد كُنا نرصده ونحاربه بشتى الوسائل، وصولاً لأروقة النيابة العامة والقضاء في مواجهة مسؤولين بالحكومة ونواب في المجلس.

ويأتي الغش بالاختبارات في مقدمة الحروب التي أشعلناها بتلك المواجهات، بعد الشهادات الوهمية المزورة، ، فقد وصل الحال ببعض النواب (إخونجية) بالتحريض على الغش علناً، لكسب أصوات ناخبيهم، رغم ما يمثله الغش، كما أشرنا سابقاً، من جناية تهدم قيم النزاهة والمثابرة وتقوض منظومة التعليم ورأس المال البشري.

لقد دعونا مراراً إلى تجريم الغش بقانون خاص، وتجريم أدواته، كسماعات الأذن أثناء أي نوع من الاختبارات، بالثانوية و«التطبيقي» والجامعة، وكذلك باختبار قدرات الطلبة وترقيات الموظفين بالحكومة والخاص، والتعامل معها كسائر المواد المحظورة قانوناً، وتغليظ العقوبة على استعمالها.

وقد تقدَّمنا ببلاغين للنيابة العامة بشأن الغش مدعمين بمئات المستندات، ونظراً لتلك الضغوط أصدرت الوزارة في عهد د. محمد الفارس قرار «صفر الطالب الغشاش»، بحيث يرسب الطالب بجميع المواد حين يغش في مادة واحدة.

لقد قامت النيابة العامة، مشكورة، العام الماضي بالتحقيق، وإدانة 13 مسؤولاً ومعلماً ووسيطاً، في «قروبات» غش تضم عشرين ألف طالب، وتحويلهم للجنايات، كما قامت بتزويد وزارة التربية بأسماء طلبة وأولياء أمور وردت في «قروبات» الغش منذ 2020، ورغم كل هذه الجهود لا تزال هناك حاجة لتشريعات رادعة وإجراءات أكثر صرامة.

فبعض الدول غلَّظت عقوبة الغشاشين لحد السجن، ففي الهند تصل إلى عشر سنوات، وفي الصين، التي لديها أكثر من 270 مليون طالب، تصل إلى سبع سنوات، أما بالسويد، فهناك غرامات مالية، وسجن يصل إلى ستة أشهر.

وجدير بالذكر، أنه منذ ست سنوات تم سجن طالب كويتي ببريطانيا اثني عشر شهراً لاستخدامه سماعة أذن للغش أثناء اختبار ورقي للقيادة، وهو مشابه لما طالبنا به مراراً، فليس من المعقول أن يغش الطالب مستخدماً سماعة ويذهب لطوارئ المستشفى عندما يكون غير قادر على استخراجها، ليتم إسعافه دون اتخاذ أي إجراء قانوني، وعليه ونحن نمر باختبارات الصف الحادي عشر ومقبلون على اختبارات الثاني عشر نهاية الشهر، كان لابد أن يتم الاتفاق بين وزارة الصحة ووزارة الداخلية على الإبلاغ عن أي حالة استخراج سماعة غش من أذن طالب، لإبلاغ وزارة التربية، وتسليمها محضر سماعة الغش.

***بعد خروجنا الأسبوع الماضي من حفل زفاف عائلة الفريح بفندق الشيراتون حيث استقبلت الناس بطيب الحفاوة وكرم الضيافة، كنا سنعبر الشارع للذهاب إلى سيارتنا، وكالعادة تخرج السيارات من دوار الجهراء مُسرعة، فحاولنا العبور تزامناً مع رجل آخر كان يفوقنا بقوامه الذي ربما تقف له السيارات، ولما كاد يعبر وعزمنا العبور معه بعد أن تباطأت السيارات، توقف هو فجأة، فأسرعت السيارات مرة أخرى، فارتبكنا خوفاً من الاصطدام، فقلت له وأنا لا أعرفه: «لقد شدينا فيك الظهر، ولكنك ورطتنا!»، فقال واثقا مبتسماً، وكأنه يعتذر: «إن فساد الرأي أن تتردَّدا»، ثم عبرنا الشارع، وسلَّمنا على بعضنا، وراح كُل منا لسيارته، فأكملنا نحن بداية بيت الشعر: «إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة». نعتقد أنه كان النائب السابق عبدالرحمن العنجري...

لقد كان الموقف لوهلة بسيطة، لكنه كان مُعبِّراً عن الواقع، وذكَّرنا ببعض الكويتيين الأصليين الذين باركوا معنا للقيادة إنقاذ البلاد، لكنهم بقوا مترددين، خوفاً من مستقبل غير معروف، لنقول لهم إن الغيب لا يعلمه إلا الله، وعلينا التكاتف، لنشكِّل جبهة وطنية مُتماسكة، فالتردد يجلب بطياته المخاطر، ونذكرهم ببيت قصيد الخليفة أبي جعفر المنصور:

«إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة.... فإن فساد الرأي أن تتردَّدا»

*** إن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي.

back to top