في ظل غياب أي سقف زمني محدد لتحقيق الأهداف المعلنة من قادة الدولة العبرية التي تخاطر بالدخول في عزلة عن أصدقائها الإقليميين وحلفائها الدوليين جراء الكارثة الإنسانية التي تتسبب فيها عملياتها العسكرية الوحشية في غزة منذ 227 يوما، رفض مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مهلة وضعها الوزير بحكومة الحرب المصغرة بيني غانتس من أجل تحقيق 6 شروط أو مغادرته للحكومة بحلول 8 يونيو المقبل، قائلا إن الإنذار الذي طرحه سيضر بإسرائيل.
وقال مكتب نتنياهو في بيان إن «الشروط التي وضعها غانتس هي كلمات معسولة ومعناها واضح: نهاية الحرب وهزيمة إسرائيل، والتخلي عن معظم الرهائن، وترك حماس سليمة وإقامة دولة فلسطينية».
وسأل البيان غانتس عما إذا كان مصمماً على «القضاء على كتائب حماس، ورفض إدخال السلطة الفلسطينية إلى غزة، ومعارضة إقامة دولة فلسطينية، قائلا إن نتنياهو ملتزم بالثلاثة».
وجاء في البيان: «يعتقد رئيس الوزراء أن حكومة الطوارئ مهمة لتحقيق جميع أهداف الحرب، بما في ذلك عودة جميع الرهائن لدينا، ويتوقع أن يوضح غانتس مواقفه للجمهور بشأن هذه القضايا».
لاحقاً، أصدر مكتب غانتس، الذي شغل منصب وزير الدفاع بحكومات سابقة، بياناً رداً على رفض نتنياهو الإنذار في وقت سابق أمس الأول. وقال البيان: «إذا كانت حكومة الطوارئ مهمة لرئيس الوزراء، فعليه إجراء المناقشات اللازمة، واتخاذ القرارات اللازمة، وعدم التراجع خوفا من المتطرفين في حكومته»، في إشارة إلى وزراء اليمين المتشدد الذي يضم وزير الأمن القومي اتماير بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش.
واتهم مكتب وزير الدفاع السابق نتنياهو بأنه كان سينهي المهمة لو أنه استمع لغانتس ودخل رفح المكتظة بمئات الآلاف من النازحين قرب الحدود المصرية، قبل أشهر.
وأضاف البيان أن «السلطة الفلسطينية لن تكون قادرة على السيطرة على غزة، ولن تتمكن العناصر الفلسطينية الأخرى من ذلك، إلا إذا حصلنا على دعم الدول العربية المعتدلة والدعم الأميركي لذلك. يجب على رئيس الوزراء التعامل مع هذا الأمر وعدم تخريب هذه الجهود».
بن غفير والأهداف
وفي وقت يتسع الشرخ داخل حكومة الحرب، اتهم بن غفير غانتس بالتآمر على الحكومة منذ انضمامه لها، وقال إنه يأمل أن «يستجمع رئيس الوزراء الشجاعة ويعيد أعضاء مجلس الحرب بيني غانتس وغادي أيزنكوت ووزير الدفاع يوآف غالانت إلى بيوتهم».
وشدد الوزير اليميني المتطرف على انه «لن يمد يد المساعدة لإبرام صفقة تبادل غير شرعية»، في إشارة إلى الجهود الدبلوماسية التي تضغط الولايات المتحدة بها لعقد اتفاق تبادل محتجزين بين إسرائيل و«حماس» يمهد لوقف الحرب.
وردّ بن غفير على تساؤلات غانتس بشأن مستقبل القطاع بعد انتهاء الحرب قائلا: «اليوم التالي، الخطة هي أن القطاع كله لنا. إذا لم يكن استيطان يهودي داخل غزة، فسيتواصل سقوط الصواريخ على سديروت ونتيفوت وأشكلون».
واعتبر أنه «لا توجد إمكانية أخرى سوى أن يكون في غزة حكم حماس، ولا حكم فتح. والطريقة الوحيدة هي احتلال غزة، تحرير غزة. حملة تشجيع الهجرة للفلسطينيين».
كما دعا بن غفير إلى إعادة النظر في علاقة الدولة العبرية بمصر التي لم تكتف بالتلميح إلى أنها غضت الطرف عن تهريب السلاح من سيناء إلى غزة، لكن بالتورط المباشر في إدخاله إلى الفصائل الفلسطينية.
سيناريوهات الحرب
في غضون ذلك، حدَّدت أوساط عبرية 5 سيناريوهات تنتظر حكومة نتنياهو، في أعقاب الإنذار الذي وضعه غانتس الذي انضم إلى الائتلاف الحاكم لإظهار الوحدة عقب هجوم «طوفان الأقصى».
وشمل السيناريو الأول استجابة نتنياهو لمطالب غانتس وتغيير نهجه المتبع، وهو ما سيسمح للأول بالبقاء حتى عام 2025.
وفي السيناريو الثاني توقعت الأوساط أن يبقى غانتس اضطراريا نتيجة تطورات ميدانية مهمة حتى بعد حلول تاريخ مهلته، مثل تقدم مفاوضات الأسرى أو وقوع حدث كبير.
وذكرت أن الثالث يمكن أن يتضمن استقالة غانتس في الموعد الذي حدده أو بعده بقليل، لعدم إذعان نتنياهو لشروطه، وفي هذا السيناريو يمكن أن تبقى الحكومة مستقرة، حتى مع انسحاب غانتس ونواب الكتلة التي يترأسها.
ورأت أنه من المحتمل أن يسقط الائتلاف الحاكم في السيناريو الرابع الذي يشمل استقالة غانتس وفشل الائتلاف اليميني الحاكم في النجاة من الأزمة، حتى لو حاول نتنياهو تعزيز قوته.
وعلَّلت ذلك بأنه من المحتمل أن تؤدي أزمة قانون التجنيد، الذي سيلزم أبناء التيار الحريدي بالالتحاق بالجيش، إلى سقوط الحكومة، ووقتها يستطيع الحزبان الحريديان «شاس» و»يهدوت هاتوراه» إسقاط حكومة نتنياهو.
وفي هذا السيناريو سيواجه نتنياهو أزمة الضغوط الأميركية وسيطرة الوزيرين بن غفير وسموتريتش على مجريات الأمور، وكل ذلك يمكن أن يؤدي إلى فشله في البقاء.
أما السيناريو الخامس والأخير فيتضمن استقالة غانتس، وتزايد الضغوط الشعبية الداعية لتبكير الانتخابات العامة وإعادة الأسرى، وهو ما يجعل نتنياهو عرضة للابتزاز من كل عضو في البرلمان.
إقرار ودبلوماسية
ورغم الخلافات أفيد بأن الوزير غالانت، ورئيس الأركان هرتسي هاليفي وافقا على المرحلة التالية من العمليات العسكرية التي بدأت في رفح 7 الجاري، فيما أقدم متظاهرون إسرائيليون على إغلاق المدخل الرئيسي لمدينة القدس، مطالبين بصفقة تبادل للأسرى وعزل نتنياهو.
وبينما وصلت المفاوضات بشأن هدنة مرتبطة بالإفراج عن الرهائن وزيادة المساعدات الإنسانية إلى غزة، برعاية الولايات المتحدة ومصر وقطر، إلى طريق مسدود، عقدت الحكومة الموسعة اجتماعا لاطلاع مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، الذي وصل إلى الدولة العبرية أمس، على مستجدات الحرب وعملية رفح.
ميدانياً، كثّف الجيش الإسرائيلي، أمس، قصف غزة، حيث قُتل 31 شخصاً في استهداف مخيم النصيرات بوسط القطاع، كما شهدت الأحياء الشرقية لرفح معارك عنيفة.
مساعدات شحيحة
على المستوى الإنساني، أفاد المكتب الإعلام لحكومة غزة بأن سلطات الاحتلال منعت 3000 شاحنة تحمل مساعدات من الدخول إلى القطاع عبر رفح منذ 13 يوما، فيما دعا وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إلى إجراء تحقيق دولي في «جرائم حرب كثيرة» ارتكبت خلال الحرب العسكرية المتواصلة على غزة.