ذكرت وكالة الأنباء السعودية، أمس، أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ومستشار الأمن القومي للبيت الأبيض، جيك سوليفان، التقيا في مدينة الظهران السعودية وبحثا الصيغة شبه النهائية لـ «مشروعات الاتفاقيات الاستراتيجية بين المملكة والولايات المتحدة الأميركية»، في إشارة إلى صفقة واسعة تشمل توقيع الرياض وواشنطن اتفاقاً دفاعياً وحصول المملكة على مساعدة أميركية لبناء مشروع نووي مدني، وبنود أخرى، من بينها تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل في حال تبنت تل أبيب مسارا واضحا وموثوقا يقود إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

قاربت على الانتهاء

Ad

وقالت وكالة الأنباء السعودية (واس) إنه جرى خلال اللقاء بين بن سلمان وسوليفان «استعراض العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، وسبل تعزيزها في مختلف المجالات، كما تم بحث الصيغة شبه النهائية لمشروعات الاتفاقيات الاستراتيجية بين المملكة والولايات المتحدة، والتي قارب العمل على الانتهاء منها».

ووفق البيان، بحث الجانبان «ما يتم العمل عليه لإيجاد مسار ذي مصداقية نحو حل الدولتين، بما يلبي تطلعات الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة» لإسرائيل والفلسطينيين، وضرورة وقف الحرب في غزة، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية.

اتفاق متعدد البنود

وبحسب تقارير إعلامية وتصريحات مسؤولين، يتضمن الاتفاق المرتقب توقيع معاهدة دفاعية شبيهة بتلك التي وقعتها الولايات المتحدة مع اليابان وحلفائها الآخرين، والتعاون في برنامج نووي مدني لتخصيب اليورانيوم في المملكة، وبيع الأسلحة الأميركية المتقدمة للمملكة، وصنع أسلحة مقابل وعود سعودية باستمرار بيع النفط بالدولار، والحد من التعاملات التكنولوجية مع الصين، خصوصاً في المسائل العسكرية والتكنولوجيا المتقدمة، وأن المملكة ستواصل شراء النفط بالدولار بدلاً من الرنمينبي، (العملة الصينية)، إلى جانب التطبيع مع إسرائيل.

وتقول «نيويورك تايمز» إن أحد الشروط السعودية التي يصر عليها بن سلمان هو أن يتم التصديق على الاتفاقية رسمياً في «الكونغرس».

وطرح معلقون أميركيون وسعوديون إمكانية أن يسعى البلدان الى توقيع اتفاق من دون بند تطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب، في ظل المعارضة التي يبديها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لحل الدولتين، ورفضه وقف الحرب على غزة من دون تحقيق انتصار شامل أو إقرار خطة لليوم التالي في غزة بعد انتهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من 7 أشهر. لكن مسؤولين اميركيين يقولون انه من المستحيل أن تمر الاتفاقية في «الكونغرس» في حال تم نزع بند التطبيع منها. ولم تعترف السعودية بإسرائيل قط، ولم تنضم إلى اتفاقات أبراهام المبرمة عام 2020 بوساطة أميركية، التي طبّعت بموجبها الإمارات والبحرين العلاقات مع إسرائيل، وبعدها حذا المغرب والسودان حذو الدولتين الخليجيتين.

ونقلت «نيويورك تايمز» عن كارين يونغ، الباحثة البارزة في مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا، إن البرنامج النووي كان «الأولوية الأولى” للأمير بن سلمان. وأكدت أنه بالنسبة للسعودية «لقد كانت دائما صفقة ثنائية، إنها ليست ثلاثية». وقالت: «إن إسرائيل هامشية جدا».

وخلال زيارته للرياض نهاية الشهر الماضي للمشاركة بأعمال المنتدى الاقتصادي العالمي، قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، بعد لقائه بن سلمان إن العمل الثنائي السعودي ـ الأميركي حول الاتفاقيات الاستراتيجية «من المحتمل أن يكون قريبا جدا من الاكتمال».

من جانبه، قال وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، إنه يتوقع «في القريب العاجل» إبرام اتفاقات ثنائية بين المملكة والولايات المتحدة، وذلك في معرض إجابته عن سؤال حول المفاوضات بين البلدين حول اتفاق أمني.

وأضاف خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في الرياض «معظم العمل تم إنجازه بالفعل. لدينا الخطوط العريضة لما نعتقد أنه يجب أن يحدث على الجبهة الفلسطينية».

ما هو الاتفاق النووي بين واشنطن والرياض؟

تقترب إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن والسعودية من توقيع اتفاقات استراتيجية تتضمن اتفاقا للتعاون في مجال الطاقة النووية المدنية. وفيما يلي وصف للقضايا الرئيسية التي ينطوي عليها الاتفاق النووي المدني الأميركي - السعودي، وما هي المخاطر والمزايا التي قد يوفرها للولايات المتحدة والسعودية، وكيف سيتناسب مع الجهود الأميركية للتوسط في التوافق الإسرائيلي ـ السعودي.

ما هو اتفاق التعاون النووي المدني؟

بموجب المادة 123 من قانون الطاقة الذرية الأميركي لعام 1954، يجوز للولايات المتحدة التفاوض على اتفاقيات للمشاركة في تعاون نووي مدني مهم مع دول أخرى، ويحدد القانون تسعة معايير لمنع الانتشار، يجب على تلك الدول الوفاء بها لمنعها من استخدام التكنولوجيا لتطوير الأسلحة النووية أو نقل المواد الحساسة إلى آخرين، وينص القانون على مراجعة الكونغرس لمثل هذه الاتفاقيات.

لماذا تريد السعودية اتفاقاً نووياً؟

وباعتبارها أكبر مصدر للنفط في العالم، لا تبدو السعودية للوهلة الأولى مرشحا بارزا لإبرام اتفاق نووي عادة ما يهدف إلى بناء محطات الطاقة لتوليد الكهرباء، لكن يوجد سببان وراء رغبة الرياض في القيام بذلك. - طاقة متجددة: الأول هو أنه بموجب رؤية السعودية 2030 الطموحة التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تسعى المملكة إلى توليد طاقة متجددة كبيرة وخفض الانبعاثات، ومن المتوقع أن تشارك الطاقة النووية في جزء من ذلك على الأقل. - النووي العسكري: يشير منتقدون إلى سبب محتمل ثان، وهو أن الرياض ربما ترغب في اكتساب الخبرة النووية في حال ما إذا أرادت يوما الحصول على أسلحة نووية، ودأب ولي عهد السعودية على القول إنه إذا طورت إيران سلاحا نوويا فإن السعودية ستحذو حذوها. ‭‭‭‭‭‭

‬‬‬‬‬‬كيف تستفيد واشنطن؟

ربما يكون لهذا الاتفاق مكاسب استراتيجية وتجارية، ولم تخف إدارة بايدن أملها في التوسط في ترتيب طويل الأمد ومتعدد المراحل يقود السعودية وإسرائيل نحو تطبيع العلاقات، وتعتقد الإدارة أن الدعم السعودي للتطبيع ربما يتوقف جزئيا على إبرام اتفاق نووي مدني. - الفوائد الاستراتيجية: تتمثل في دعم أمن إسرائيل، وبناء تحالف أوسع ضد إيران وتعزيز العلاقات الأميركية مع واحدة من أغنى الدول العربية في وقت تسعى به الصين إلى توسيع نفوذها في الخليج. الفوائد التجارية: قطاع الصناعة الأميركي سيكون في موقع رئيسي للفوز بعقود بناء محطات الطاقة النووية السعودية.

حرب غزة:

من المتوقع أن يأتي الاتفاق النووي المدني في إطار ترتيب أوسع بشأن التطبيع الإسرائيلي السعودي، وهو أمر لا يمكن تصوره في ظل احتدام حرب غزة. -

منشأة التخصيب:

إحدى القضايا الرئيسية الأخرى هي ما إذا كانت واشنطن ستوافق على بناء منشأة لتخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية، ومتى يمكنها أن تفعل ذلك، وما إذا كان يمكن لموظفين سعوديين دخولها أم أنها ستدار من قبل موظفين أميركيين فقط في سياق ترتيب يتيح سيطرة أميركية حصرية على المشروع. - ضمانات صارمة: بدون إدراج ضمانات صارمة في الاتفاق، سيكون بإمكان السعودية، التي تمتلك خام اليورانيوم، من الناحية النظرية، استخدام منشأة التخصيب لإنتاج اليورانيوم عالي التخصيب، والذي، إذا جرت تنقيته بدرجة كافية، يمكن أن ينتج المواد الانشطارية اللازمة لصنع القنابل.

استثمار سعودي نووي:

المسألة الأخرى تتعلق بما إذا كانت الرياض ستوافق على القيام باستثمار سعودي في محطة لتخصيب اليورانيوم مقرها الولايات المتحدة، وتكون مملوكة للولايات المتحدة، أو ما إذا كانت ستوافق على الاستعانة بشركات أميركية لبناء مفاعلات نووية سعودية.