لماذا انضمت الفضة إلى موجة الصعود المتزامن للمعادن أخيراً؟

نشر في 20-05-2024
آخر تحديث 20-05-2024 | 19:59
No Image Caption

تشهد مجموعة كبيرة من المعادن حالة من الارتفاع المتزامن خلال الفترة الأخيرة، بدعم العديد من العوامل الاقتصادية والجيوسياسية، فضلاً عن أساسيات العرض والطلب.

وبعد صعود قياسي لأسعار الذهب والنحاس أخيراً، انضمت الفضة إلى القافلة، لتسجل مستويات غير مسبوقة في أكثر من عقد، وسط ترجيحات بمزيد من المكاسب خلال الفترة المقبلة.

ارتفاع حاد وسريع

وارتفع سعر العقود الآجلة للفضة تسليم يوليو يوم الجمعة الماضي بنحو 4.6 في المئة، ليصل إلى 31.26 دولاراً للأوقية، وهي أعلى تسوية منذ فبراير 2013.

وحقق المعدن صعوداً بحوالي 11 في المئة خلال الأسبوع الماضي، ليسجل ثاني مكاسبه الأسبوعية على التوالي.

وقد تفوقت الفضة على وتيرة صعود الذهب منذ بداية العام الحالي، ليكون المعدن الأبيض ضمن أفضل المعادن الرئيسية أداءً هذا العام.

فمنذ بداية 2024 حتى تسوية تعاملات يوم الجمعة الماضي، ارتفع عقد تسليم الشهر التالي للفضة بحوالي 32 في المئة، مقابل صعود بنحو 16 في المئة للذهب بنفس الفترة.

وتراجعت نسبة سعر الذهب إلى الفضة إلى نحو 76 مِثلاً بنهاية الأسبوع الماضي، وهو أقل مستوى منذ أغسطس 2023، مقابل 90 مثلاً في يناير الماضي.

لكن لا يزال سعر الفضة نسبة إلى الذهب مرتفعاً بالمقاييس التاريخية، حيث وصل المتوسط إلى 68 مِثلاً خلال آخر 20 عاماً.

عوامل وراء الصعود

وقد استفادت الفضة من مجموعة من العوامل، مع حقيقة أن المعدن يتمتع بأهمية مزدوجة، حيث يعتبر من الأصول المالية، إضافة إلى الاستخدامات الصناعية، التي تشمل تقنيات الطاقة النظيفة.

وعزز مديرو الأصول رهاناتهم الصعودية على العقود الآجلة للفضة بالأسبوع المنتهي في الرابع عشر من مايو إلى أعلى مستوى في أكثر من عامين.

فيما يتجه سوق الفضة العالمي لتسجيل رابع عام متتالٍ من العجز في المعروض، مع توقعات مجلس الفضة بأن يشهد 2024 ثاني أكبر عجز في تاريخ المعدن.

كما تسبب الطلب الصناعي القوي على الفضة في استنزاف المخزونات الرئيسية في العالم، حيث انخفضت المخزونات التي تتبعها جمعية سوق السبائك في لندن إلى ثاني أدنى مستوى على الإطلاق في أبريل، كما تقترب أحجام المخزونات في نيويورك وشنغهاي من أدنى مستوياتها الموسمية.

وتعتقد شركة تي دي سيكيوريتيز أنه على مدى العامين المقبلين قد يتم استنفاد مخزونات جمعية سوق السبائك في لندن بالنظر إلى وتيرة الطلب الحالية.

بينما ربط فيل سترايبل، كبير استراتيجي السوق في «بلو لاين فيوتشرز»، مكاسب الفضة بعودة الاهتمام بأسهم الميم في وول ستريت، مشيراً إلى أن المضاربين يبحثون عن أصول مختلفة لاستغلالها، مشدداً على أن الفضة عادة ما تُعد واحدة من تفضيلاتهم.

وكانت الفضة ضمن الأصول المستهدفة من جانب مستثمري التجزئة عبر موقع «ريديت» عام 2021، وسط التدافع على شراء سهم «جيم ستوب»، وغيرها من أسهم الشركات الصغيرة آنذاك.

كما جاءت مكاسب الفضة بدعم غير مباشر من الحماس الذي يسيطر على أسواق المعادن بشكل عام خلال الفترة الأخيرة.

ويتحرك الذهب والفضة عادة في اتجاه واحد، حيث يوفر كلاهما خصائص مماثلة للتحوط من المخاوف الاقتصادية.

وقال جريجور جريجرسن، مؤسس «سيلفر بولين»، إن العملاء المهتمين بشراء الذهب بدأوا يفكرون في شراء الفضة أولاً، وانتظار حدوث مزيد من التوازن بين أسعار الذهب والفضة.

مكاسب قوية للمعادن

لم تكن الفضة الصاعد الوحيد في سوق المعادن خلال الفترة الأخيرة، حيث نجحت العديد من المعادن في تحقيق مكاسب قوية.

فقد شهدت العقود الآجلة للذهب ارتفاعاً قياسياً جديداً يوم الجمعة الماضي، حيث صعد عقد تسليم يونيو بنحو 1.3 في المئة عند 2417.4 دولاراً للأوقية.

ويعتقد بارت ميليك، رئيس استراتيجيات السلع الأولية لدى «تي دي سيكيوريتيز»، أن ارتفاع الذهب يأتي بدعم خطط دعم القطاع العقاري في الصين، وتوقعات خفض الفائدة الأميركية مرتين هذا العام.

كما ارتفعت العقود الآجلة للنحاس تسليم يوليو عند تسوية يوم الجمعة بنحو 3.6 في المئة عند 5.05 دولارات للرطل، وهو أعلى مستوى في تاريخه.

بينما حقق النحاس نسبة صعود بنحو 30 في المئة منذ بداية 2024، بدعم الطلب المتزايد وتراجع المعروض، إضافة إلى طلبات تغطية الهامش من جانب مستثمري البيع على المكشوف.

كما سجل معدن البلاتين نحو 1076 دولاراً للأوقية يوم الجمعة، ليتداول قُرب أعلى مستوياته في عام.

وحقق البلاتين مكاسب أسبوعية بحوالي 8 في المئة، مع استمرار العجز في المعروض بالسوق.

إضافة إلى أساسيات العرض والطلب، تلقت المعادن الدعم من تراجع الدولار، أخيراً، ما يجعل شراء السلع أقل تكلفة بالنسبة لحائزي العملات الأخرى.

ويرى ديفيد ميلر، كبير مسؤولي الاستثمار في «كاتليست فاندس»، أن العجز الحكومي الضخم في الولايات المتحدة يتسبب في ضعف الدولار، ويعزز قيمة المعادن الثمينة.

كما يعتقد ميلر أن العوامل وراء صعود الذهب والفضة بشكل خاص هي مزيج بين محدودية الإمدادات والضغط الناتج عن التضخم الذي يتجاوز مستهدف الاحتياطي الفدرالي.

وبلغ التضخم السنوي الأميركي 3.4 بالمئة في أبريل الماضي من 3.5 بالمئة في مارس، لكنه لا يزال أعلى من المستهدف 2 بالمئة.

وقال محرر «جولد نيوزليتر»، برين لوندين، إن العامل المشترك في مكاسب الذهب والفضة والدولار منذ بداية هذا العام يتمثل في اعتبارهما «ملاذاً آمناً»، مما يشير إلى قلق المستثمرين من التضخم وأعباء الدين العالمي ومعدلات الفائدة المرتفعة.

على جانب آخر، لا يعتبر النحاس معدناً ثميناً مثل الذهب والفضة، لكنّه كمعدن صناعي، استفاد من توقعات تزايد الطلب ونقص الإمدادات العالمية وتحسّن النمو الاقتصادي العالمي ومشاكل المصاهر في الصين.

كما وصف كبير استراتيجي السوق في «آر جيه أو فيوتشرز»، جون كاروسو، الوضع في أسواق المعادن بقوله: «المد المرتفع يرفع جميع القوارب».

وذكر كاروسو أن النحاس والفضة استفادا من حقيقة أنهما يعتبران موصلات رائعة لنقل الكهرباء، بينما يميل الذهب للاستفادة من الارتفاع القياسي للدين الأميركي.

بينما يرى رئيس «ليبرتاس ويلث مانجمنت»، آدم كوس، أن معادن الذهب والفضة والنحاس تشهد مكاسب ملحوظة بدعم عدم اليقين الاقتصادي الذي عزز الطلب على أصول الملاذ الآمن واضطرابات سلسلة التوريد التي تهدد المعروض من المعادن، إضافة إلى زيادة الطلب الصناعي.

وقال آدم إنه رغم اختلاف مواصفات كل معدن من المعادن الثلاثة، فإن العامل المشترك بينها يتمثل في القلق حيال ظروف الاقتصاد والسوق العالمية والطلب المدعوم بالرغبة في تنويع الاستثمارات.

back to top