مجلس الأمة ونوابه، على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم، جميعهم أزعجونا وشغلوا أنفسهم ظاهرياً بالحفاظ على الدستور والتمسُّك به، في حين أن دستورنا لم يكن حاضراً ولا مُطبقاً في حياتنا العملية، خصوصاً بوجود مجالس الأمة، وبالذات المواد الخاصة بالمساواة والحريات، فهذه كانت مهملة ومعطَّلة من قِبل النواب قبل السُّلطة.
أزعجونا بالحفاظ على الدستور والتمسُّك به، فيما هم وغيرهم أول مَنْ داس ويدوس ببطنه.
الدستور لنواب الأمة هو مجلس الأمة وانتخاباته فقط.
فما دام المجلس قائماً فـ «دستورنا» بخير والديموقراطية بسلام.
لكن ماذا عن الحريات والمساواة والانتهاك المتواصل لحقوق كثير من المواطنين، بدءاً من المواطنة الكويتية التي حُرمت لسنوات، بل لعقود، من حقوقها السياسية، مروراً بالكويتيين المولودين في الكويت لأب متجنس، الذين لم ينصفوا إلا قبل سنوات، وانتهاءً بمجمل المواطنين الذين كانوا ومازالوا ضحايا للواسطة والمحسوبية ورشاوى الفاسدين الحقيقيين؟
قبل سنوات كرَّمت وزارة الداخلية أحد أفراد الشرطة، لأنه بـ «فطنته» قبض على خادمة هندية سرقت ذهب مخدومتها.
وبسؤال الشرطي الفطن عن كيفية علمه بأنها «سارقة»، أجاب بأنها كانت تمشي بارتباك، فقام بتفتيشها، وعثر على الذهب... هكذا، مر هذا الخبر مرور الكرام، ربما إلى الآن، ولم يعترض أو حتى يحس المتحمسون للدستور بالانتهاك الفاضح والمُعلن لحقوق الوافدة الدستورية، والتعدي الصريح من قِبل الشرطي ومَنْ كرَّمه - وهذا المهم – على مواد الدستور، الحافظة لحقوق الأفراد، وافدين أو مواطنين.
«لا يجوز القبض على إنسان أو تفتيشه... إلا وفق أحكام القانون»، مادة 31 من دستور الكويت، الذي صك آذاننا نواب مجلس الأمة في الدفاع عنه.
لا يجوز القبض على إنسان، أي إنسان، إلا وفق القانون.
وزارة الداخلية تبجحت علناً بتكريم أحد أفرادها، لأنه قبض على وافدة هندية ذنبها عند القبض عليها أنها ارتبكت أو بدت مرتبكة في عينَي الشرطي الفطن.
طبعاً هذا مثال على الانتهاكات التي كانت تجري للدستور تحت سمع وبصر المتغنين به، ولا شك في أن هذه الانتهاكات، ومثلها، لاتزال مستمرة إلى اليوم، فنحن كان عندنا مجلس، وكان عندنا انتخابات، لكن لم يكن لدينا، أو على الأقل لدى نوابنا، وعي كافٍ كي يكون لدينا ديموقراطية أو حرية أو مساواة حتى اليوم.