غياب رئيسي يخلط الأوراق الداخلية
تساؤلات حول إمكانية استعانة خامنئي بـ «الوسطيين»
خلط الحادث الدراماتيكي الذي أودى بحياة الرئيس إبراهيم رئيسي الأوراق الداخلية في إيران. ووجد نظام الجمهورية الإسلامية المعقد والقائم على التوازنات والتجاذبات بين مراكز القوى، نفسه أمام استحقاقات داخلية، ليس أقلها تنظيم انتخابات رئاسية في غضون 50 يوماً بالإضافة الى تعبئة الفراغ في المعركة الدائمة على خلافة المرشد علي خامنئي، والتي كان رئيسي يعتبر لاعباً أساسياً فيها.
وأمسك رئيسي بالسلطة التنفيذية في إيران، في خضم علاقات دولية متشنجة واحتجاجات داخلية، وعرف صاحب المسيرة الطويلة في النظام السياسي للجمهورية الإسلامية، بقربه من خامنئي.
ويُعدّ رئيسي من المحافظين المتشدّدين، وانتُخب في 18 يونيو 2021 في الجولة الأولى من اقتراع شهد مستوى امتناع قياسياً عن التصويت وغياب منافسين أقوياء بسب إقصاء جميع القوى السياسية من قبل مجلس صيانة الدستور.
وتعزّز موقف رئيسي في الانتخابات التشريعيّة التي أجريت في مارس، وهي أوّل انتخابات وطنيّة منذ الحركة الاحتجاجيّة الاعنف في تاريخ الثورة التي شهدتها إيران نهاية عام 2022 بعد وفاة الشابّة مهسا أميني إثر توقيفها بتهمة عدم الامتثال لقواعد اللباس الصارمة في الجمهوريّة الإسلاميّة والتي قمعها رئيسي بقوة. لكن نسب المشاركة الضئيلة في الانتخابات خيمت على المشهد. رغم ذلك أشاد الرئيس الإيراني حينها بـ «الفشل التاريخي الجديد الذي لحق بأعداء إيران بعد أعمال الشغب» في عام 2022.
ويؤدي موت رئيسي إلى تفاقم الصراعات الداخلية على السلطة. وبالفعل، كانت الفصائل داخل المعسكر الأصولي تتنافس على منصب رئيس البرلمان، والآن، سوف يمتد هذا التنافس إلى الرئاسة، حيث تتنافس الفصائل المختلفة على الهيمنة. وأثار مراقبون تساؤلات حول إمكانية أن يبادر خامنئي الى فتح اللعبة السياسية والسماح للوسطيين وربما للإصلاحيين بالمشاركة في اللعبة السياسية عبر ترشيح شخصيات مثل الرئيس السابق حسن روحاني الذي تحدى الاسبوع الماضي مجلس صيانة الدستور برفضه علنا المبررات التي ساقها المجلس لاقصائه من الانتخابات الأخيرة. وقال الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي الذي يعد الاب الروحي للاصلاحيين ان الانتخابات الاخيرة لا يمكن وصفها بانها انتخابات تعددية بأي شكل من الاشكال وقرر مقاطعتها في خطوة لطالما تجنبها الاصلاحيون. وستأتي الانتخابات الرئاسية الجديدة وسط مشاركة شعبية منخفضة تاريخيا، حيث لم يشارك إلا 8 في المئة فقط من الناخبين في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في طهران. وتشكل تعبئة الناخبين خلال 50 يومًا تحديًا كبيرًا.
ولتعزيز نسبة المشاركة، قد يفكر النظام في السماح لشخصيات معتدلة بالترشح، لكن البديل المرجح عن ذلك حسب خبراء سيكون انتخابات خاضعة لرقابة أكثر تشددا ولعبة سياسية مغلقة بشكل اكبر.
معركة خلافة خامنئي
من ناحيته، قال فالي نصر، الاستاذ في جامعة جون هوبكنز بكلية الدراسات الدولية المتقدمة، انه لفترة طويلة، كانت مناقشات الخلافة في إيران تدور حول إما مجتبى خامنئي نجل المرشد أو شخص آخر، مضيفا: «مؤخراً أشار خامنئي إلى أنه يفضل شخصاً آخر. وكان الاسم الوحيد في فئة شخص آخر هو رئيسي. الآن لا يوجد اسم في هذه الفئة. وقريباً سيكون هناك سباق لتحديد أسماء جديدة لخانة إن لم يكن مجتبى».
وتابع: «هذه معركة يجب مشاهدتها. لقد استغرق الأمر عدة سنوات لبناء رئيسي، وكانت الرئاسة هي طريقه ليصبح المرشد الأعلى. وتكمن الصعوبة بالنسبة للأسماء الجديدة في أنها قد لا تتمكن من السيطرة على منصب الرئاسة في أي وقت قريب. وفي حين أن الفصيل الذي يقف وراء رئيسي يمكن أن يقدم مرشحين رئاسيين عاديين، إلا أنه ليس لديه رجل دين لديه القدرة على أن يكون مرشدا اعلى جاهزًا للترشح للرئاسة».
السياسة الخارجية
ويجمع الخبراء على انه بغض النظر عن التبعات الداخلية، فمن المرجح أن تظل سياسة إيران الخارجية ثابتة، حيث يتم اتخاذ القرارات الاستراتيجية من قبل المرشد الأعلى والحرس الثوري، لا الرئيس.
وقال المجلس الاستراتيجي الإيراني للعلاقات الخارجية، الذي يقوده كمال خرازي، والذي يقدم الاستشارات لخامنئي إن مسار السياسة الخارجية للبلاد سيستمر «بكل قوة بتوجيهات» من المرشد.
وقالت وول ستريت جورنال انه بعد المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة الأسبوع الماضي في عمان، كان من المقرر أن يلتقي باقري بمسؤولين من الاتحاد الأوروبي يوم الأربعاء، لكن اللقاء تم إلغاؤه.
ويتوقع المراقبون ان يستمر الجمود الايجابي بين واشنطن وطهران.