غير عابئة بالتهديدات، أسدلت المحكمة الدستورية في جنوب إفريقيا، أمس، الستار على مسلسل قانوني استمر سنوات، وقضت بعدم أهلية الرئيس السابق المثير للجدل، جاكوب زوما، واستبعاده من الانتخابات المقررة بعد 9 أيام، إضافة إلى سجنه لـ 15 شهراً بتهمة ازدراء العدالة.

وقالت المحكمة، بعد مناقشات دامت 10 ساعات، إنه «لا يمكن انتخاب زوما عضوا في مجلس الأمة، ولا يمكنه الترشح للانتخابات»، وذلك لأنه قضى عقوبة سجنية خلال عام 2021، مضيفة أن هذا القرار قابل للاستئناف أمام المحكمة نفسها.

Ad

جدل قانوني

وسيطر جدل قانوني على الانتخابات التشريعية في جنوب افريقيا، وذلك بعد أن استبعدت اللجنة الانتخابية في نهاية مارس الماضي زوما من السباق، لكن محكمة أبطلت هذا القرار، الذي أحيل بعد ذلك على المحكمة الدستورية لبتّ أهلية الرجل المتنازع عليه، الذي أعلن مراراً وتكراراً أنه «لا يخاف من العدالة».

وهدد أنصار حزب مخونتو ويسيزوي، الذي ينتمي إليه زوما، بزعزعة استقرار الانتخابات في حال منعه من المشاركة والطعن في نتائجها، لكن دستور جنوب إفريقيا يمنع أي شخص صدر بحقه حكم بالسجن أكثر من 12 شهرا من أن يكون عضوا بالبرلمان.

وتم انتخاب زوما (82 عاما) رئيسًا عام 2009، لكن حزبه (المؤتمر الوطني الإفريقي) دفعه للاستقالة قبل نهاية فترة ولايته الثانية عام 2018 بعد سلسلة من الفضائح. وعلى الرغم من استمرار محاكمة الفساد، فقد حاول الترشح لمنصب نائب في الانتخابات المقبلة. ولتحقيق ذلك، تولى قيادة حزب معارضة صغير جديد سمّي على اسم المنظمة العسكرية السابقة لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي، «مخونتو ويسيزوي».

سجن وإفراج مشروط

وفي عام 2022، كشف تقرير استقصائي الدور المركزي الذي أداه زوما في نهب خزائن الدولة خلال السنوات التسع التي قضاها في السلطة، لكنّه نفى هذه التهم، رافضا تقديمه على أنه «ملك الفاسدين». وقضى زوما في نهاية المطاف ما يزيد قليلاً على شهرين خلف القضبان، مستفيدًا من إفراج لأسباب صحية، ثم «إعفاء من العقوبة».

واستفاد زوما أيضاً من الدعم الشعبي الشديد، لا سيما في معقله في كوازولو ناتال، حيث أدى سجنه في يوليو 2021، في سياق اجتماعي واقتصادي قاتم، إلى اندلاع أعمال عنف غير مسبوقة تسببت في مقتل أكثر من 350 شخصًا، فيما يخشى مراقبون من اندلاع أعمال عنف مماثلة مع الإعلان عن إقصاء زوما من الانتخابات.

راعي بقر عصامي

ولد جاكوب زوما، (راعي البقر السابق)، في 12 أبريل 1942، وتخفي ابتسامته العريضة أمام عدسات الكاميرات السنوات التي قضاها في سجون الفصل العنصري، حيث أمضى 10 سنوات في مستعمرة جزيرة روبن الجزائية، مع نيلسون مانديلا، أثناء الكفاح ضد الفصل العنصري.

وفور وصول حزب المؤتمر الوطني الإفريقي إلى السلطة، ارتقى زوما في المناصب وأصبح نائبا للرئيس عام 1999، وانتهى به الأمر إلى تولّي السلطة بدعم من النقابات، وكان في ذلك الوقت يجسّد آمال ترقية الفئات الأشد فقراً، لكن فضائح الاغتصاب والفساد لاحقته.