ركّبت مدينة يابانية صغيرة شبكة عالية قاتمة، اليوم الثلاثاء، لإخفاء منظر جبل فوجي الذي يُحظى بشعبية كبيرة لدى السياح، بعدما أثارت تجاوزات بعض الزائرين انزعاجاً كبيراً لدى السكان والسلطات.

وأثار إعلان هذا الإجراء الجذري، الشهر الماضي، من جانب بلدية مدينة فوجيكاواغوتشيكو في وسط اليابان، ضجة كبيرة في البلاد وعلى المستوى الدولي، ليصبح مثالاً جديداً على تبعات السياحة المفرطة.

وبررت السلطات المحلية هذه الخطوة بالسلوك السيّئ لدى عدد كبير من السياح الأجانب في الموقع، ما يشمل خصوصاً إلقاء النفايات على الأرض، والتدخين خارج المناطق المسموح بها، وعبور الطريق عند الإشارة الحمراء، أو ركن السيارات بشكل عشوائي.

Ad


حتى أن البعض تسلقوا سطح عيادة أسنان قريبة بشكل غير قانوني، حتى يتمكنوا من التقاط صور أفضل للموقع السياحي الشهير.

وبدأ عمّال تركيب الشبكة التي يبلغ ارتفاعها 2.5 متر وطولها 20 متراً اليوم، مثبّتة على أعمدة معدنية، وانتهوا تقريباً من العملية بحلول نهاية الصباح، بحسب مراسلي وكالة فرانس برس في الموقع.

وبدأ العمل في هذا المشروع مطلع مايو، لكنه استغرق وقتاً أطول من المتوقع بسبب مشكلات في توريد المواد.

«مؤسف».. لكنه «مفهوم»

أصبحت الصور التي تُلتقط من رصيف ضيق على طول طريق مزدحم، شائعة للغاية على وسائل التواصل الاجتماعي مثل «إنستغرام» لأنها تجمع بين منظر البركان المهيب ومتجر من سلسلة «لوسون» اليابانية الشهيرة مع موقف سيارات في المقدمة، في رمز لليابان المعاصرة.

وقالت كريستينا رويز، وهي سائحة نيوزيلندية أجرت وكالة فرانس برس مقابلة معها اليوم في الموقع، «من المؤسف» أن تُركّب شبكة «لأنها بوضوح صورة أيقونية».

وأضافت «لكن الأمر مفهوم تماماً» لأن المكان كان يجذب الكثير من الناس وكان «خطراً للغاية» مع وجود حركة مرور بجواره مباشرةً.

ومع ذلك، فهي تعتقد أن الشبكة لن تمنع السيّاح من مواصلة التهافت بأعداد كبيرة إلى المنطقة المحيطة لأن جبل فوجي، أعلى قمة في اليابان 3776 متراً، يُمكن تصويره بوضوح من أماكن أخرى عدة، بما في ذلك فوجيكاواغوتشيكو.

وقالت ميتشي موتوموتشي التي تُدير متجراً للحلويات لوكالة فرانس برس «بحيرة كاواغوتشي وجبل فوجي مكانان رائعان، آمل بأن يتمكن الجميع من تأمّل هذه المناظر الطبيعية الجميلة مع التزام السلوكيات السليمة».

وأوضحت شركة سياحية تُقدّم رحلات حول جبل فوجي من طوكيو لوكالة فرانس برس أنها تنقل حالياً السياح إلى متجر لوسون قريب آخر يتمتع بإطلالة مماثلة على البركان، ولكن مع عدد أقل من السكان المحليين في الجوار.

تدفق قياسي للسياح

وحذّرت السلطات المحلية من أنها تنوي ترك الحاجز في مكانه طالما كان ذلك ضرورياً حتى يتحسن الوضع.

وفي أماكن أخرى أيضاً، تحاول اليابان مكافحة آثار السياحة المفرطة.

فقد بدأت السلطات فرض رسوم دخول إلى مسار شهير للمشي لتسلق جبل فوجي بين يوليو وسبتمبر حوالى 13 دولاراً، مع حصر العدد المسموح فيه بـ4000 شخص يومياً، كما وُضع نظام لحجز الزيارات عبر الإنترنت.

وفي العاصمة الإمبراطورية السابقة كيوتو، أُغلقت بعض الأزقة في منطقة فتيات الغيشا أمام الجمهور منذ الشهر الماضي.

وندد المجلس المحلي في حي جيون بتصرفات بعض السياح الذين ينتهجون سلوكاً أشبه بصيادي الصور «باباراتزي» من خلال مطاردة فتيات الغيشا لالتقاط صور لهن دون إذنهن، كما لو أنّهم في «مدينة ملاهٍ».

وأغلقت اليابان أبوابها بالكامل أمام الزوار الأجانب خلال جائحة كوفيد-19.

لكن منذ إعادة فتح حدودها نهاية العام 2022، يتوافد عليها السياح الدوليون من جديد، خصوصاً بعدما جعل انخفاض قيمة البلاد أرخص نسبياً بالنسبة إلى كثر منهم.

وجاء أكثر من ثلاثة ملايين زائر إلى الأرخبيل الياباني في مارس، وهو رقم قياسي شهري للبلاد، وجرى بلوغ هذه العتبة مجدداً في أبريل.