الحكومة الحالية تعيش متلازمة السهل الممتنع، فطريقها سهل في حال أرادت تحقيق شيء ما وفق برنامجها وخططها، فلا مطبات تعاون وخصام مع المجلس، ولا حفر تأزيم تعترض طريق مشاريعها، والجو بديع والدنيا ربيع، وطريقها صعب أيضا كونها ستكون لوحدها تحت مطرقة الرقابة الشعبية وسندان الإنجازات، وكونها ستدخل حلبة الرقابة والترقب بدون منافسة- بعد خروج المجلس- وستخوض وحيدة مباراة كأس التحلطمات والانتقادات والمطالب الشعبية التي طال انتظارها.

الطريق السهل وهو سهل فعلا، وله من اسمه نصيب في حال تحققت الإرادة والتنظيم والرؤية عند الحكومة ووزرائها، والطريق الصعب هو صعب وله من نصيب محاسبته نصيب أيضا، المتلازمة السابقة ستجعل وضعها تماما كوضع سيف ديموقليس، وهي أسطورة إغريقية حول رجل طموح جلس على كرسي المسؤولية، ولكن اشترط عليه أن يكون فوقه سيف معلق بشعرة، فوقع تحت الضغط الشديد، وتاه ديموقليس بين الفرح بتحقق الطموح ورهبة انقطاع الشعرة وسقوط السيف عليه.

Ad

والسيف هنا هو سيف الوقت لا غيره، والشعرة هي ثقة المواطنين، وكي تخرج الحكومة من هذا الاختبار عليها أن تسعى جاهدة وبكل تركيز على تحقيق توجيهات حضرة صاحب السمو- حفظه الله ورعاه- في خطابه السامي، وجعلها واقعا على الأرض بدون تلكؤ أو مماطلة، وعليها أيضا أن توضح ما قدمت يمينها للشعب قبل يسارها عبر وسائل إعلامية فعالة، ولا تخشى أن يذهب أجرها، فهنا صدق مطلوب لا صدقة، ويجب أن تصل الرسالة- بشكل واضح- لا مبهم ولا غامض، وتفسرها بلغة عملية ووطنية سليمة لا برطن لا تفهمه لغة واقع المواطن، ولا تعرف فك خط سطورها.

وطبعا وجود الحمام الزاجل الإعلامي الذي ينقل رسائل الحكومة عبر الإعلام لا يغني أبدا عن قوافل الإنجازات التي تدب على أرض الواقع التي ما زال المواطن ينتظرها منذ أمد بعيد، وهي الأهم طبعا، فالجانب الإعلامي لا يغني عن الجانب العملي والواقعي، حيث محطة اقتناع المواطن الأخيرة التي ينتظر قافلة ثقته بها ومعه مطالبه ومعيشته وأمنه وتطلعاته، فهناك يقف المواطن يترقب وصول القافلة المرجوة حيث أمله وهقوة طال انتظارها، وهو ينشد: «يا حادي العيس عرج كي... أُقبلهم».