الدستور والديموقراطية ثوابت وطنية

نشر في 22-05-2024
آخر تحديث 21-05-2024 | 20:15
 د. محمد المقاطع

وقف رئيس الوزراء والوزراء أمام سمو الأمير يوم الأربعاء 15 مايو 2024 ليؤدي كلٌّ منهم اليمين الدستورية قبل القيام بمهام منصبه، عملاً بحُكم المادتين 91 و126 من الدستور.

وقد ردَّد كل منهم القَسَم التالي على مسامعنا، بحضرة صاحب السمو الأمير علناً، وأمام وسائل الإعلام، وهو: «أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصاً للوطن وللأمير، وأن أحترم الدستور وقوانين الدولة، وأذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله، وأؤدي أعمالي بالأمانة والصدق».

ثم خاطبهم سمو الأمير من جانبه في لحظات تولي كلٍّ منهم مسؤولياته، مشدداً ومؤكداً «تمسكنا بالدستور والثوابت الوطنية».

لحظات تاريخية مهمة تبدِّد التشكيك، وترد على المغرضين الذين لم يستوعبوا أن الكويت كانت وما زالت بلد الدستور والديموقراطية والمؤسسات في كل الظروف والأوقات، وأن ذلك ضمن ثوابتها الوطنية الراسخة، وتلك اليمين الوزارية إحدى ركائزها ودلالاتها ومنطلقاتها التي لا حيدة عنها.

نعم، لقد تم حل مجلس الأمة، وتم تعطيل بعض مواد الدستور، بل ربما بعض فقرات من تلك المواد، في ظل موجبات تمس كيان الدولة وسلامتها رآها وقدَّرها سمو الأمير ضمن مسؤولياته، كونه رئيس الدولة.

لكنها بالتأكيد لم تتخلَّ عن الدستور والديموقراطية، لأنها ثوابت وطنية، كما أكد ذلك سمو الأمير في خطابَيه يومي 10 و15 مايو 2024، فلا يجوز ولا ينبغي أن يتم تجاهل تلك الحقائق بخصوص ثوابتنا الوطنية، ومحاولة تجاهلها أو القفز عليها.

وهنا تأتي مسؤوليات الجميع، حكاماً ومحكومين، للنهوض بواجباتنا الوطنية في تعزيز ثوابتنا وتقويمها، وجزء من تلك المسؤوليات تنقية الديموقراطية مما شابها من ممارسات بدأت تسيء لتلك الثوابت، بل وتنال من مقاصدها ومنطلقاتها التي سعى لها «المجلس التأسيسي». ولاشك في حيوية المجتمع الكويتي الواعي والمدرك لتلك المخاطر في معية قيادته، وستكون مسؤوليات الجميع شحذ الهمم والاجتهاد نحو تحقيق غايات فترة المراجعة ودواعيها، لتتم بأقصر فترة ممكنة، أخذاً بمقاصد كون السنوات الأربع حدَّها الأقصى، ومن ثم فالزمن وسيلة لا غاية ينتهي أجله بتحقيق الغاية والمقاصد التي قرر من أجلها، كما أن كلاً منا عليه الاجتهاد، وتقديم نُصحه وخبرته في تحقيق تنقية الديموقراطية مما شابها من ممارسات، بتصورات عملية ومساهمات ناجعة، ومن ذلك تقديم مقترحات بتعديلات لقوانين أساسية، هي: قانون الجنسية، وقانون الانتخاب، وقانون القضاء، وقوانين الأمن والسيادة، إضافة للائحة الداخلية لمجلس الأمة، ووضع أطر وآليات تضمن مرجعيتها واستقرارها بتشديد آليات تعديلها، جنباً إلى جنب الثوابت الدستورية والديموقراطية، وهو ما يتميز به مجتمعنا الكويتي المفعم بالحيوية والحركة الاجتهادية والالتفاف حول قيادته السياسية، والذي تتعدد أطروحاته وحواراته لمستقبل أفضل لأهل الكويت، كما كانوا دائماً منذ تأسيسها بعلاقة تفاهم وتعاضد لأجل الوطن واستقراره ورفعته، في ظل كل الظروف والمتغيرات. ويبقى الدستور والديموقراطية ضمن الثوابت الوطنية لغايات حفظ الوطن لا هدمه.

back to top