«الجريدة•» تكشف مسار الخطة الأميركية للعلاقة مع السعودية وإيران وإسرائيل
تفاؤل أميركي بقرب ولادة خريطة طريق سعودية للمضي بـ «الضمانات الأمنية والتطبيع»
• الرياض ترمي عقدة السلام بملعب واشنطن وتل أبيب... وابتزاز نتنياهو يدفع بايدن للمواجهة
تحدثت مصادر دبلوماسية غربية نقلاً عن أجواء أميركية حول تحقيق تقدم إيجابي ومتسارع لتبييض خريطة طريق اتفاق أميركي مع السعودية وهي من جزأين، الأول يشمل التفاهمات الثنائية بين الجانبين وما يتصل باتفاق حول الأمور الدفاعية والأمنية ذات البعد الاستراتيجي، والملف النووي السلمي للمملكة، أما الجزء الآخر فيتكامل مع الأول، لكن مع التأكيد على إظهاره بشكل منفصل عنه، وهو مسار تطبيع العلاقات السعودية ــ الإسرائيلية، وهنا أوضحت المصادر الدبلوماسية لـ «الجريدة» أن الأميركيين مقتنعون باقتراب الوصول إلى صيغة حلّ، خصوصاً أن السعوديين يؤكدون حرصهم على أن يكون المدخل إلى ذلك هو وقف حرب غزة، وانسحاب الإسرائيليين من القطاع، مقابل إعادة تشكيل السلطة الفلسطينية وتجديدها، على أن تكون هي الطرف المسيطر على المنطقة التي أدارتها حركة حماس منذ 2007، وبدعم من دول عربية وأوروبية.
وينبع التفاؤل الأميركي بقرب الوصول إلى ترتيب اتفاق بين السعودية وإسرائيل، من كون ما يؤخر تلك الخطوة هو بعض التفاصيل البسيطة، المتصلة بتحفظات إسرائيلية. وتشير المصادر إلى أن المملكة في حال وصلت إلى إبرام اتفاقات الضمانات الأمنية الأميركية، ستكون مستعدة للسير في مسار التطبيع مقابل تعهد أميركي واضح باعتماد خريطة طريق لإعلان حل الدولتين، ما يعني التراجع عن شرط تأجيل أي تطبيع أو اتفاق إلى ما بعد إقامة الدولة الفلسطينية.
لكن وعلى الرغم من ذلك فإن الشرط الأساسي للرياض، وهو وقف حرب غزة، يرمي كرة الاتفاق الكبير في ملعب الأميركيين والإسرائيليين، ويضع حل عقدته بقدرة إدارة الرئيس الديموقراطي جو بايدن على تليين موقف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحكومته المتشددة والرافض لكل الصيغ المقترحة لإنهاء القتال أو القبول بمسار لدولة فلسطينية.
ومن هنا يمكن فهم حتمية لجوء واشنطن للضغط على نتنياهو، إما لدفعه للقبول بما هو مطروح وانخراطه بالعملية السياسية لوقف الحرب وفتح المسار الجديد، أو زيادة الضغط عليه للإطاحة بحكومته وإعادة تشكيل سلطة متعاونة في الدولة العبرية.
وما يعزز الإصرار الأميركي على تحقيق تقدم في المسار الإقليمي، هو موازنة آليات التفاوض الأميركية مع السعودية من جهة ومع إيران من جهة أخرى.
وتلفت التقديرات إلى دخول عنصرين جديدين على الواقع الإقليمي، فرضتهما حادثة مقتل الرئيس إبراهيم رئيسي، ووزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان، إذ أبدت الجمهورية الإسلامية تمسكها باستكمال مسار التفاوض والانفتاح مع الأميركيين وهو ما يظهر من خلال تعيين علي باقري كني خلفاً لعبداللهيان، وهو المسؤول عن التفاوض حول الملف النووي، في حين تعززت فرص احتدام المنافسة على تولي السلطة بها في ضوء الصراع على وراثة المرشد علي خامنئي وما يمكن أن يتسبب فيه من ضعف موقف طهران التفاوضي في حال استفحال الخلاف الداخلي.
وعلى الجانب الآخر، تجد إدارة بايدن، التي تستعد للانتخابات الرئاسية، أن رؤية ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الشاملة لتطوير المملكة تمنحها نافذة لتعزيز مسار تفاوضها الطموح، للوصول إلى حقبة جديدة تؤسس لولادة نظام إقليمي يدمج إسرائيل.
وفي وقت يبدو أن واشنطن رسمت ملامح مسارها المتوازي مع الرياض وطهران فإنها تتجه لمواجهة مشكلة أساسية تتلخص بمحاولة نتنياهو ابتزاز الجميع من خلال إصراره على استمرار الحرب وتوسيعها أكثر، خصوصاً في رفح، رداً على قرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية الذي طالب بإصدار مذكرة اعتقال بحقه إلى جانب قادة الصف الأول بـ«حماس».
وتنسحب عرقلة نتنياهو لمسار التطبيع على مسار التفاهم الإيراني ــ الأميركي، إذ إن إيران تشدد هي الأخرى على ضرورة وقف النار بغزة كمدخل لأي تفاهم أو اتفاق.