في خطوة تاريخية، أعلنت النرويج وأيرلندا وإسبانيا بشكل متزامن عزمها الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة، اعتباراً من 28 الجاري، مما يسرع وتيرة التطورات السياسية المرتبطة بالصراع الفلسطيني - الإسرائيلي باتجاه قد يقود للمرة الأولى إلى شروط قد تؤدي إلى حل عادل للقضية الفلسطينية، وفق القرارات الدولية ذات الصلة.
وغداة تقدم مدعي المحكمة الجنائية الدولية بطلب لإصدار أوامر توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه يوآف غالانت، وقيادات في حركة حماس، على خلفية الحرب الدائرة في قطاع غزة، جاء إعلان الثلاثي الأوروبي ليشكل ضربة دبلوماسية لسلطات الاحتلال الإسرائيلي التي تتمسك بمواصلة القتال، وتصر على معارضة أي توجه دولي لإقرار خطة سلام تمنح الشعب الفلسطيني حق تقرير المصير.
وأعربت وزارة الخارجية الكويتية عن ترحيب الكويت بالخطوة الإيجابية التي من شأنها الإسهام نحو تحقيق ما نصت عليه قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ومبادرة السلام العربية، بشأن تمكين الشعب الفلسطيني من تقرير المصير، وإقامة دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، داعية سائر دول العالم لاتخاذ قرارات مماثلة.
وبينما لاقت الخطوة ترحيب مصر والسعودية والأردن وقطر، أبدت العواصم الغربية الكبرى تحفظاً متفاوتاً في التعليق على الإعلان الثلاثي، إذ نُقل عن متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي تأكيده أن إدارة الرئيس جو بايدن تؤيد «حل الدولتين»، إلا أنها ترى أن «الدولة الفلسطينية» يجب أن تتحقق بالمفاوضات.
واعتبرت الحكومة البريطانية أن الوقت غير مناسب لخطوة مماثلة، في موقف اتفق معه وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا، في وقت شددت نائبة رئيس الوزراء البلجيكي بيترا دي سوتر على ضرورة أن تحذو بلادها حذو الثلاثي الأوروبي.
رمزية مزدوجة لاعتراف النرويج
رغم أن عشرات الدول حول العالم تعترف بالدولة الفلسطينية، فإن إعلان النرويج اعترافها بدولة فلسطينية، يحمل أهمية إضافية، وفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية.
وكانت النرويج، وهي ليست عضوة في الاتحاد الأوروبي، تقول منذ فترة طويلة، إنها لن تعترف بدولة فلسطينية «إلا إذا كان لذلك تأثير إيجابي في تحريك عملية السلام».
ويرى تقرير الصحيفة الأميركية أن أهمية الاعتراف النرويجي، تنبع من أنها استضافت الاجتماعات السرية عام 1993 بين مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين، التي أدت إلى اتفاقات أوسلو، التي ينظر إليها كثيرون كإطار للسلام بين الجانبين.
وبموجب الاتفاق، اعترفت السلطة الفلسطينية بدولة إسرائيل، مقابل اعتراف إسرائيل بمنظمة التحرير ممثلاً للشعب الفلسطيني.
ويُعد اتفاق أوسلو، أول توافق بين الإسرائيليين والفلسطينيين على حق كل منهما في إنشاء دولة، إذ جرى الاتفاق على سلطة فلسطينية انتقالية، تنشأ أولاً في غزة وأريحا، وتمتد تدريجياً إلى مناطق في الضفة الغربية.
المعارضة الإسرائيلية: فشل كارثي
استقبلت تل أبيب الخطوة الثلاثية بغضب شديد، إذ أصدرت وزارة خارجيتها تعليمات باستدعاء سفيريها في أوسلو ودبلن، للتشاور فوراً.
وهدد وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس في «رسالة شديدة اللهجة» أيرلندا والنرويج وإسبانيا بـ «عواقب وخيمة وخطوات مضادة»، معتبراً أن «الخطوة الملتوية هي ظلم لذكرى ضحايا السابع من أكتوبر».
ورداً على الخطوة، قرر وزير المالية المتشدد بتسلئيل سموتريتش، اتخاذ خطوات عقابية ضد السلطة الفلسطينية، في وقت وصف زعيم المعارضة الإسرائيلية الخطوة الأوروبية بأنها فشل كارثي.
وبينما أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إلغاء سريان قانون «فك الارتباط» مما يسمح بإعادة بناء 4 مستوطنات يهودية سبق تفكيكها بشمال الضفة الغربية، أقدم وزير الأمن القومي المتطرف، إيتمار بن غفير، على اقتحام ساحة المسجد الأقصى بالقدس الشرقية، في خطوة هي الأولى منذ بدء حرب غزة.