يقول مسؤولون أميركيون إن الولايات المتحدة تأمل أن تساعد اجتماعات دفاعية عقدت بالرياض اليوم في تحقيق هدف طويل الأمد يتمثل في بناء درع صاروخية إقليمية، مدعومة في ذلك بنجاح الدفاعات الإسرائيلية في صد موجات من الصواريخ والطائرات المسيّرة الإيرانية التي استهدفت إسرائيل في هجوم الشهر الماضي.
لكن مسؤولين أميركيين سابقين وخبراء يرون أنه من غير الواضح ما إذا كان الحلفاء الخليجيون لديهم نفس الثقة بأن واشنطن ستهرع للدفاع عنهم، أو ما إذا كانت لديهم الرغبة في اتخاذ الخطوات اللازمة لدمج دفاعاتهم في منطقة كثيراً ما تحوطت فيها الدول في كشف معلوماتها.
ويأتي اجتماع مجلس التعاون لدول الخليج العربية والولايات المتحدة في الرياض بعد ما يزيد قليلاً على شهر من مساعدة واشنطن ولندن وحلفاء آخرين إسرائيل في إسقاط مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة التي تم إطلاق معظمها من داخل إيران.
كما يأتي الاجتماع على خلفية هجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة يطلقها الحوثيون في اليمن على سفن تجارية في البحر الأحمر. وتظهر عمليات الاعتراض التي تقوم بها السفن الحربية الأميركية والبريطانية أيضا قوة الدفاعات الجوية الغربية.
وقال مسؤول دفاعي أميركي كبير لـ «رويترز» شريطة عدم كشف هويته، إن الحلفاء الخليجيين يدركون أن الدفاع الناجح عن إسرائيل ثمرة لسنوات من التكامل الدفاعي بين شركاء إسرائيل.
وأضاف المسؤول: «لم يغب عن (حلفاء الولايات المتحدة في الخليج) أن فاعلية الدفاع في مواجهة هذا الوابل الكبير والمتطور من جانب إيران لم تكن فقط بسبب القدرات الفردية للدول، إسرائيل والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، لكن الحقيقة هي أن هناك قدراً كبيراً من التكامل بين تلك الدول».
شكوك في التزام واشنطن
كان آخر اجتماع لمجلس التعاون بشأن الدفاع الجوي والصاروخي والأمن البحري المتكامل في فبراير 2023. وليس من الواضح ما إذا اجتماع اليوم سيسفر عن أي اتفاقيات.
ويقر مسؤولون أميركيون منذ فترة طويلة بأن العديد من الدول في الشرق الأوسط تحجم عن تبادل معلومات دفاعية حساسة بشكل مباشر، بما في ذلك بيانات الرادارات لأنها قد تكشف عن ثغرات.
وذكرت دانا سترول، التي كانت كبيرة مستشاري وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) بشأن سياسة الشرق الأوسط حتى أواخر العام الماضي، أن دول الخليج ستحتاج إلى اتخاذ قرار سياسي بشأن ما إذا كانت ستمضي قدما في تبادل معلومات استخبارية إقليمية وضخ استثمارات في الاتصالات المؤمنة.
لكن سترول قالت إن هناك أيضا «شكوكا مستمرة حول رغبة أميركا في دعم الدفاع عن الشركاء بخلاف إسرائيل».
وأكدت سترول، التي تشغل الآن منصب مديرة الأبحاث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أن «على واشنطن أيضا أن توضح لهؤلاء الشركاء أنه يمكنهم توقع نفس المستوى من الدعم الدفاعي إذا هاجمتهم إيران بشكل مباشر».
ولم يتسبب الهجوم الإيراني بأكثر من 300 صاروخ وطائرة مسيّرة إلا في أضرار متواضعة داخل إسرائيل. وكانت هجمات 14 أبريل هي أول هجوم مباشر لطهران على الإطلاق على إسرائيل، وجاءت وسط توترات إقليمية متصاعدة بسبب الحرب المستمرة منذ أكثر من سبعة أشهر بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية في غزة.
وخلال زيارة قام بها للأردن في أبريل، أشار وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى اجتماعات مجموعة العمل بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون عندما دعا إلى تعزيز الدفاع الصاروخي الإقليمي.
وأوضح بلينكن أن «هذا الهجوم يسلط الضوء على التهديد الخطير والمتزايد من إيران كما يؤكد أيضا ضرورة العمل معا بشأن الدفاع المتكامل».
وسيضم الوفد الأميركي مسؤولين من هيئة الأركان المشتركة للجيش ووكالة الدفاع الصاروخي والقيادة الوسطى الأميركية والقيادة الوسطى للقوات البحرية الأميركية والقوات الجوية للقيادة الوسطى ووكالة التعاون الأمني الدفاعي.
المعدات الروسية والصينية
وسترسل كل الدول الأعضاء في مجلس التعاون، وهي السعودية والكويت وعُمان والبحرين وقطر والإمارات، وفودا. وقال مسؤول عسكري أميركي، تحدث شريطة عدم كشف هويته، إن إسرائيل لن توفد ممثلا عنها.
وأشارت سترول إلى أن الحلفاء الخليجيين يواصلون شراء الأنظمة العسكرية من الولايات المتحدة وأوروبا والصين ودول أخرى. ويثير ذلك خلافات مع واشنطن التي تحذر من أنه لا يمكن دمج الأنظمة الروسية أو الصينية مع معدات أميركية من أجل دفاع جوي وصاروخي متكامل.
وأضافت: «بالتالي، إذا كانت جيوش دول مجلس التعاون راغبة في السعي لنظام دفاع جوي وصاروخي متكامل، عليها الالتزام بشراء أنظمة أميركية أو شراء أنظمة من مصادر موثوقة أخرى».
وقال المسؤول الدفاعي الأميركي الكبير، الذي تحدث إلى «رويترز» شريطة عدم كشف هويته، إن من المأمول أن تشهد الاجتماعات بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون «التخلي قليلا عن بعض شكوكها وبعض الارتياب وإدراك قيمة» النظام الدفاعي الصاروخي المتكامل.