تتكون قناعة لبنانية ودولية باستحالة فصل ملف لبنان عن الحرب الدائرة على غزة. أصبحت هذه المعادلة تتردد على ألسنة سفراء معنيين بالملف اللبناني، وكانوا يحاولون فصل الملفين عن بعضهما. ينقل هؤلاء عن المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين قوله إنه أصبح على قناعة بأن حزب الله لن يوقف عملياته العسكرية ضد إسرائيل قبل وقف النار في غزة، وأن الحزب لن يتحدث في أي ملفات سياسية قبل انتهاء المواجهات بجنوب لبنان.

هذه الخلاصة، أصبحت واقعاً بالنسبة الى الكثيرين في الداخل اللبناني الذين ينتظرون سياق أي تفاهمات إقليمية ودولية، وكيف ستنسحب على الواقع الداخلي.

Ad

في السياق، برزت زيارة الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، الى قطر، التي أكد منها أن الحرب الإسرائيلية لا تزال في بداياتها، وأن من يظن أن نهايتها قريبة مخطئ. وأشار جنبلاط إلى أن الإسرائيليين يسعون الى المزيد من التصعيد، ويرهنون حربهم بالانتخابات الأميركية، بينما هناك في لبنان شخصيات رسمية تعتبر أن الحرب الإسرائيلية ستطول الى ما بعد بداية السنة الجديدة، مما يُظهر تطابقاً في وجهات النظر بين جنبلاط وجهات لبنانية وازنة، تعبّر أيضاً، وفق مصادر قريبة منها، عن تزايد منسوب القلق من الوضع القائم ومن لجوء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتصعيد عملياته في لبنان، ردّا على كل الضغوط التي يتعرّض لها في الداخل الإسرائيلي أو من قبل قوى خارجية.

لكن في موازاة هذه الحرب، لا تزال المحاولات الدولية قائمة في سبيل تخفيض منسوب التوتر ومنع تصاعد المواجهة، إضافة الى استمرار المسار الدبلوماسي في البحث عن تحضير الأرضية لإنتاج تسوية سياسية تؤدي الى انتخاب رئيس للجمهورية عندما تسمح الظروف.

في هذا السياق، تشير مصادر متابعة إلى أن الفرنسيين يجددون تحركهم لبنانياً على خطين، خط المبادرة التي اقترحتها باريس لوقف الحرب في الجنوب ونسج اتفاق يعيد الاستقرار، وفي هذا السياق، برزت زيارة في الأيام الماضية لوزير الخارجية اللبناني عبدالله بو حبيب الى العاصمة الفرنسية، حيث عقد لقاءات مع المسؤولين، وتم البحث في إدخال تعديلات فرنسية على الورقة اللبنانية.

أما الخط الفرنسي الثاني فهو الزيارة المرتقبة التي سيجريها المبعوث الرئاسي الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان، والتي ستكون يوم الثلاثاء المقبل في سبيل إعادة إحياء مبادرة اللجنة الخماسية لانتخاب رئيس للجمهورية، ووفق المعلومات، فإن لودريان سيبلغ المسؤولين اللبنانيين بالمواصفات المطلوبة، التي تم الاتفاق عليها واستنتاجها من آراء قدّمتها الكتل النيابية المختلفة. إلا أن التوقعات ضيئلة في إمكانية وصول لودريان الى أي نتيجة، خصوصاً في ظل رهانات اللبنانيين على ربط الملف الرئاسي بتطورات الوضع في الجنوب.

في ظل الوقائع القائمة تخلُص مصادر متابعة إلى أن الحل في لبنان سيكون عبارة عن سلّة شاملة تبدأ في الجنوب وتنتهي في رئاسة الجمهورية، لكن التسليم بهذا الواقع وعدم استجابة اللبنانيين لأي تلويح من قبل «الخماسية» بفرض عقوبات على المسؤولين، قد يؤدي الى «انتهاء» عمل اللجنة، ليتحول نشاط السفراء إلى فردي أو ثنائي، بانتظار ما ستحمله تطورات المنطقة.