حضور إقليمي في جنازة رئيسي... واحتدام الصراع على خلافته
قاليباف الأكثر «شهية» في صفوف المحافظين... والإصلاحيون يدرسون ترشيح حفيد الخميني
• اليحيا يمثل أمير البلاد... وتميم بن حمد ووزيرا خارجية السعودية والإمارات يشاركون
• باقري كني: سنواصل السياسة الخارجية التي رسمها المرشد
أمّ المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي الصلاة على الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، في طهران، حيث توافدت حشود ضخمة للمشاركة في مراسم جنازته.
وتحدث التلفزيون الرسمي عن «وداع مليوني» لرئيسي الذي كان يرى فيه كثر الخليفة المحتمل لخامنئي في منصب المرشد الأعلى.
ومن طهران، ستنقل الجثامين إلى مدينة مشهد مسقط رأس رئيسي في شمال شرق البلاد، حيث سيوارى الثرى اليوم الخميس بعد مراسم جنازة في ضريح الإمام الرضا.
وانضم إلى موكب التشييع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية ونائب الأمين العام لـ «حزب الله» اللبناني نعيم قاسم.
وشارك في مراسم التأبين والعزاء، ممثل سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد، وزير الخارجية عبدالله اليحيا، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد، ورئيس وزرائه وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبدالرحمن، والرئيس التونسي قيس سعيّد، ووزير الخارجية المصري سامح شكري، إضافة إلى وزيري خارجية السعودية فيصل بن فرحان والإمارات عبدالله بن زايد، ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، وكان لافتاً غياب الرئيس السوري بشار الأسد.
ورغم انشغال البلاد بالمراسم، فإن السياسيين بدأوا بالفعل مشاورات ولقاءات حول خلافة رئيسي التي ستتحدد في الانتخابات الرئاسية التي تم إقرارها في 28 يونيو المقبل.
وفي صفوف التيار المحافظ الذي يواجه انشقاقات كبيرة يبرز اسمان، هما سعيد جليلي، الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي، ومحمد باقر قاليباف رئيس مجلس الشورى (البرلمان).
وقال أحد المصادر المقربة من قاليباف إنه أكد للجميع أنه هذه المرة مستعد للدخول في حرب لا معركة كسر عظم مع أي شخص يريد أن ينافسه، ولن يرضى بالتراجع عن ترشحه للانتخابات، باستثناء إذا طلب منه خامنئي الانسحاب.
من جهة أخرى، كشفت مصادر في مكتب خامنئي، أن الرئيسين السابقين محمود أحمدي نجاد وحسن روحاني، ورئيس مجلس الشورى السابق علي لاريجاني، طلبوا لقاءات مع المرشد لاستشارته وليأخذوا الإذن منه للترشح.
في المقابل، رُصدت بعض التحركات في صفوف الإصلاحيين، خصوصاً من جانب الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني، ونائب الرئيس السابق إسحاق جهانغيري، ورئيس مكتب روحاني محمد باقر نوبخت.
ولفتت أوساط مقربة من الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، الذي يعد الزعيم الروحي للإصلاحيين، إلى أن هناك محاولة لإقناع حفيد الإمام الخميني، حسن الخميني، بالترشح نظراً لشعبيته المرتفعة، لاسيما بين الشباب الإصلاحيين.
واستبعدت المصادر أن يسمح «صيانة الدستور» بترشح شخصيات إصلاحية قوية، لأن التيار المحافظ مشتت وغير قادر على تعبئة الناخبين، وستكون هزيمته سهلة جداً، خصوصاً بسبب الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي فرضها المحافظون على الشعب خلال فترة رئاسة رئيسي.
وفي تفاصيل الخبر:
أمّ المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي الصلاة على الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، في طهران إلى حيث توافدت حشود ضخمة للمشاركة في مراسم تشييعه. وأدى خامنئي، محاطاً بكبار المسؤولين، الصلاة على جثامين القتلى الثمانية جرّاء تحطّم مروحيتهم الأحد، وبينهم وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان. وغصّت المنطقة المحيطة بجامعة طهران بالمعزّين، حيث أقيمت الصلاة قبل أن ينتقل موكب التشييع إلى ساحتي انقلاب وأزادي.
وتحدث التلفزيون الرسمي عن «وداع مليوني» لرئيسي، الذي رأى فيه كثر الخليفة المحتمل لخامنئي في منصب المرشد الأعلى. وقال خامئني لرئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، الذي حضر إلى الجمهورية الإسلامية «فقدنا شخصية بارزة. كان أخا مقرَّبا. كان مسؤولا فاعلا ويتمتع بالكفاءة وصادقا وجديّا».
وانضم إلى موكب التشييع رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، ونائب الأمين العام لحزب الله اللبناني نعيم قاسم. وقال هنية للحشود «نحن مطمئنون أن الجمهورية ماضية في سياستها وثوابتها، برعاية قائدها في دعم فلسطين والمقاومة»، وذلك وسط صيحات «الموت لإسرائيل». واستقبل بعد ذلك خامنئي هنية، وبعض المشاركين الآخرين في التشييع مثل رئيس الحكومة الأرمينية نيكول باشينيان.
حضور إقليمي
وشارك ممثل سمو الأمير، الشيخ مشعل الأحمد، وزير الخارجية عبدالله اليحيا، في تقديم واجب العزاء في طهران. كما شارك أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ورئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبدالرحمن، ووزيرا خارجية السعودية والامارات فيصل بن فرحان وعبدالله بن زايد. وكان من بين الحضور الرئيس التونسي قيس سعيد، ووزير الخارجية المصري سامح شكري. وكان لافتاً غياب الرئيس السوري بشار الأسد، وذلك بعد أن توترت العلاقات بين طهران ودمشق الأسبوع الماضي بعد القمة العربية، عندما وافقت سورية على بند يدين احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث. وتمثلت سورية برئيس الوزراء حسين عرنوس، وأفادت معلومات بأن الأسد اعتذر عن عدم الحضور بسبب الحالة الصحية لزوجته حيث أعلن أمس الأول عن إصابتها بسرطان الدم، وذلك بعد سنوات قليلة على شفائها من سرطان الثدي.
واكتفت روسيا بإرسال رئيس مجلس الدوما فياتشيسلاف فولودين إلى طهران بعد أن توقع المتحدث باسم الكرملين، أمس الأول، ألا تكون هناك مشاركة في المراسيم، رداً على سؤال حول مشاركة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الجنازة. وقالت وكالات أنباء روسية إن فولودين نقل رسالة من بوتين إلى القيادة الإيرانية. وكان وزير الخارجية الروسي المخضرم سيرغي لافروف قال، أمس الأول، انه لا مبرر للحديث عن تغير في السياسة الخارجية الإيرانية. وكان مساعدة سيرغي ريباكوف أكثر توتراً عندما شدد على أن موسكو تتوقع أن يتم تنفيذ كل الاتفاقات مع إيران. وحكومة رئيسي الأصولية زودت روسيا بمسيرات وصواريخ بالستية يقول الغرب ان روسيا استخدمتها في الحرب في أوكرانيا.
وقال محللون ان محمد مخبر الذي يتولى مهمام الرئاسة لمدة 50 يوما قبل تنظيم انتخابات رئاسية جديدة هو صديق لروسيا ولا يقلقها وجوده، لكنها قلقة اكثر على من تأثيرات غياب رئيسي عن المنافسة في خلافة المرشد الاعلى علي خامنئي. في المقابل، حضر تشانغ غوتشينغ، الممثل الخاص للرئيس الصيني شي جينبينغ، مراسم تأبين رئيسي. وتشانغ هو عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ونائب رئيس مجلس الدولة.
«شهيد الخدمة»
وفي العاصمة، رفعت لافتات ضخمة تشيد بالرئيس الراحل «شهيد الخدمة»، في حين ودّع آخرون من كان «عون المحرومين». وتلقى سكان طهران رسائل هاتفية تحضّهم على المشاركة في موكب التشييع.
وبدأت الثلاثاء مراسم جنازة الرئيس الراحل وأعضاء الوفد المرافق له الذين قضوا معه، بمشاركة عشرات الآلاف من المشيعين الذين ارتدوا اللباس الأسود في مدينة تبريز وفي قم. ومن طهران، ستنقل الجثامين إلى مدينة مشهد مسقط رأس رئيسي في شمال شرق البلاد، حيث سيوارى الثرى اليوم الخميس بعد مراسم جنازة في ضريح الإمام الرضا الذي شغل منصب سادنه لمدة طويلة.
وأعلن خامنئي الحداد الوطني لمدة 5 أيام وكلّف نائب الرئيس محمد مخبر (68 عاما) تولي مهام الرئاسة وصولا إلى انتخابات ستجرى في 28 يونيو لاختيار خلف لرئيسي.
وتم تعيين كبير المفاوضين في الملف النووي الإيراني علي باقري الذي كان نائبا لأمير عبداللهيان، قائما بأعمال وزير الخارجية. وقال باقري كني في اول تصريح له: «السياسة الخارجية التي رسمها قائد الثورة الإسلامية (خامنئي) ستتم متابعتها بقوة وعزم من خلال السياسات التنفيذية للحكومة واستراتيجيات وزارة الخارجية».
المسيرة التركية
وأمر رئيس أركان القوات المسلحة في البلاد، محمد باقري، بإجراء تحقيق لكشف ملابسات تحطّم المروحية. وقلل الجيش الإيراني أمس من دور المسيّرة التركية التي شاركت في البحث عن مروحية رئيسي والتي عزي إليها الفضل الأكبر في العثور على الموقع بين الجبال. وشكل عجز السلطات الإيرانية عن ايجاد المروحية إحراجا كبيرا خصوصا للقوات المسلحة التي تتباها بأنها لديها صناعات متقدمة لكن لأكثر من ساعات لم تتمكن من تحديد موقع التحطم. وأوضحت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية أنّه «إثر الحادث الذي تعرّضت له مروحية الرئيس والوفد المرافق له، ووجود ظروف جوية سيئة، والتعقيد الجغرافي والطبيعة الجبلية للمنطقة، فضلاً عن وجود الطائرات الإيرانية المسيّرة المتطورة المزوّدة برادار SAR لتنفيذ مهام في شمال المحيط الهندي وبعدها لمسافة كبيرة عن موقع تحطم المروحية، اضطرت فرق الإنقاذ ببدء عملية البحث بالوسائل الأرضية».
وأضافت، في بيان، أنّه «في ظل هذا الوضع، وبعد إعلان الدول الصديقة عن استعدادها للتعاون، وافقت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة على اقتراح الدولة الأقرب، أي تركيا، لكن رغم أنّ تركيا أرسلت طائرة مسيّرة مزودة بكاميرات رؤية ليلية وحرارية إلى المنطقة، إلا أن هذه الطائرة فشلت في الإعلان بدقة عن موقع تحطم المروحية بسبب عدم وجود معدات «كشف ومراقبة النقاط تحت السحاب» وعادت في النهاية إلى تركيا». وأشارت إلى أنّه «في الساعات الأولى من صباح الاثنين، تمّ اكتشاف المكان الدقيق لتحطم المروحية من قبل فرق الإنقاذ البرية والطائرات الإيرانية المسيّرة التابعة للقوات المسلحة، والتي تمّ استدعاؤها من المهمة في شمال المحيط الهندي»، موضحةً أنّ «الطائرات المسيّرة المجهزة برادار SAR قادرة على اكتشاف النقاط والسيطرة عليها تحت السحب الكثيفة».