يحكى أن دوماكليس كان من جلساء الملك الإغريقي ديونيس، ملك سيراكيوس، وكان جباراً رهيباً، وأخذ دوماكليس يثني ويغبط الملك بأن حياته كملك عظيم طيبة وسهلة، فهو ملك مطاع، ويمكنه أن يملك كل ما يشتهي، فاقترح عليه الملك أن يبدل الدور مع جليسه دوماكليس فيكون ملكاً فترة محدودة.

فرح دوماكليس بحياة الرفاه والرغد التي يتنعم بها الملك، فهناك الشراب والأكل دون حدود، لكنه لاحظ فجأة أن سيفاً معلقاً فوق رأسه، ومربوطاً بشعرة من ذيل حصان، ذعر دوماكليس وطلب من الملك إعفاءه من بقية المدة.

Ad

كانت رسالة الملك ديونيس لدوماكليس واضحة، فالسلطة لا توفر لصاحبها الراحة والدعة التي يتخيلها الناس، بل هي مسؤولية وعبء ثقيلان، والخطر من أعدائها يهددها دائماً. وكما تقول القاعدة الفقهية الإسلامية «الغنم بالغرم»، فكما تغنم من أمر ما ستدفع ثمنه ربما فيما بعد.

يمكن تصور سيف دوماكليس المعلق بشعرة، لا يقتصر على صاحب السلطة ملكاً أو رئيساً أياً كان، يمكن أن نتخيله كمصير أكيد لكل من يتصدر أي موضوع في الشأن العام، فالكاتب الصحافي والأديب والمثقف الذي يتبنى قضايا وطنية، ويرى ما هو أبعد مما يراه العامة، ويتلمس بحساسية مرهفة قضايا الحريات والحقوق الإنسانية، هو يحيا في خطر سيف دوماكليس بصورة مستمرة، في أنظمة عالمنا الثالث المنكوب في أرزاق بشره وحرياتهم يبقى هذا السيف رمزاً مخيفاً لكل من يقول كلمة «لا».

سيف دوماكليس يرمز إلى القلق والهواجس الدائمين حين تسدل ستائر الظلام على النفوس، فلا يعرف صاحب الرأي أين يقف وأين ينتهي. حكم القانون في الدول المدنية المتقدمة يزيح هذا السيف جانباً، لتحل مكانه المحاكم المستقلة، حين تطبق نصوص القانون والعدالة، ويحيا الإنسان الحر عندها بطمأنينة وسعادة الحرية.