التحالف المشبوه
تتشكل قاعدة تاريخية صلبة للعلاقة الوجدانية والسياسية بين الشعبين الأميركي والإسرائيلي، انطلقت مع بداية عهد الإصلاح الديني في أوروبا عام 1517م، وتفاعلت هذه العلاقة الوطيدة وتكرست بمناخ ديني ثقافي تمدد إلى جميع شرائح المجتمع الأميركي خلال أكثر من ثلاثة عقود من الزمن.
عندما ترتبط الثقافة القائمة على الفكر الديني المتطرف بالمصالح السياسية والأطماع الاقتصادية تكتمل أسباب الصراعات ونشوب الحروب.
المشروع الصهيوني للاستيلاء على أرض فلسطين وإقصاء أهلها العرب منها نهض وترعرع واكتمل إنجازاً تحت الرعاية التامة للولايات المتحدة الأميركية.
منذ بواكير الحياة السياسية في أميركا عبَّر العديد من الرؤساء الأميركيين عن ميولهم الصهيونية ببيانات صريحة أبانت النوايا الدينية للسياسات الأميركية، عاكسةً توجهات وميول الشرائح السياسية والاجتماعية والثقافية للشعب الأميركي، تخال نفسها الوصي الشرعي للمشروع الاستيطاني لليهود في فلسطين.
يقول الحاخام لي ليفنجر: «مؤسسو أميركا كانوا أكثر يهودية من اليهود أنفسهم، هم يزعمون أنهم يهود الروح عهِد الله إليهم كما عهد إلى يهود اللحم والدم».
أما الرئيس أيزنهاور فيقول: «إسرائيل ولدت وقامت لتعيش مع غيرها من الدول التي اقترنت مصالح أميركا بقيامها»، ويفسر وزير الخارجية الأميركي السابق، جورج شولتز، إجماع الحزبين الديموقراطي والجمهوري على دعم إسرائيل والتعاون معها بقوله: «إن تعاوننا مع إسرائيل حقيقة ثابتة بصرف النظر عن الحزب الذي يحكم في أي من البلدين، لأن هذه العلاقة مغروسة في وجدان شعبينا».
كما لا نستثني القاعدة العمالية الأميركية التي لم تسلم من سموم الحركة الصهيونية منذ بداياتها حينما أطلقت تأييدها للحركة الصهيونية وصادقت على وعد بلفور، وأصدرت قراراً يعترف بـ«المطالب الشرعية للشعب اليهودي لإقامة وطن قومي في فلسطين».
ولنتذكر الشعار الشهير: «لن تُخذل إسرائيل أبداً» الذي أطلقه الرئيس بيل كلينتون، إعراباً عن مشاعر الرأي العام الأميركي.
يتساءل الكثيرون إن كان يصدق القول بأن أميركا إمبراطورية «يهودية» ينقصها العنوان والمسمّى اليهودي فقط.