تترقب إسرائيل صدمة جديدة من محكمة العدل الدولية التي أعلنت أنها ستصدر اليوم قرارها بشأن طلب جنوب إفريقيا اتخاذ إجراءات مؤقتة إضافية ضد إسرائيل في القضية المرفوعة بحقها بتهمة ارتكاب «إبادة جماعية» و«الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية في غزة بما يشمل رفح، بعد صدمتين، تمثلت الأولى في إعلان المدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية طلبه إصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الأمن يوآف غالانت، وجاءت الثانية بعد نشر أهالي المحتجزين بغزة لفيديوهات جديدة تظهر الأوضاع المروعة للذين تم أسرهم خلال هجوم حركة حماس للضغط على الحكومة اليمينية المتشددة».
وذكرت المحكمة، التي تعترف الدولة العبرية بميثاق تأسيسها، أنها ستعقد جلسة عامة بعد ظهر اليوم في قصر السلام في لاهاي، وسيتلو خلالها رئيس الهيئة القضائية القاضي نواف سلام القرار، بعد أن عقدت جلستي استماع على مدار يومين الأسبوع الماضي.
وأشارت التقديرات في إسرائيل، أمس، إلى أن المحكمة التابعة للأمم المتحدة ستصدر أوامر بوقف الحرب المتواصلة على غزة منذ هجوم «حماس» في 7 أكتوبر الماضي.
وأفادت صحيفة «يسرائيل هيوم»، نقلا عن مصادر إسرائيلية رفيعة المستوى، أن التوقعات الإسرائيلية محصورة بين إحدى إمكانيتين، الأولى أن تقرر المحكمة الدولية وقف العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح المكتظة بمئات الآلاف من النازحين، أو وقف الحرب على غزة بالكامل.
وذكرت الصحيفة العبرية أن المحكمة في جلستها السابقة قضت بناء على طلب المدعي بزيادة المساعدات الإنسانية للقطاع الفلسطيني المحاصر، لكن هذه المرة تقدر إسرائيل أنها لن تكتفي بذلك، حيث تتجه المحكمة إلى إصدار أمر لوقف الحرب.
وقدرت أن الأوامر بوقف الحرب هي السيناريو الأكثر خطورة الذي تخشاه حكومة إسرائيل منذ جلسة الاستماع الأولى في لاهاي في يناير الماضي، وقد تجعل من الصعب على إسرائيل مواصلة العمليات العسكرية التي تسببت في مقتل نحو 36 ألفا أغلبهم من الأطفال والنساء حتى الآن.
وأوضحت أن مصدر القلق الكبير بالنسبة لإسرائيل هو أن الأوامر في لاهاي ستؤدي إلى قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في نفس السياق، حيث ستكون إسرائيل محتاجة مرة أخرى للفيتو الأميركي وهو ما سيضع نتنياهو تحت «ضرس» الرئيس الديموقراطي جو بايدن.
واستبق الائتلاف اليميني بزعامة نتنياهو قرار المحكمة بالتأكيد أمس أنه «لا توجد قوة في الأرض يمكنها أن تمنع إسرائيل من حماية مواطنيها ومطاردة حماس في غزة».
وجاء ذلك في وقت يكثف نتنياهو اتصالاته مع الجمهوريين في الأيام الأخيرة على خلفية اعتقاده أن بايدن تخلى عن مساندته بجهود وقف مذكرة الاعتقال الدولية المحتملة ضده، حيث حصل على تطمين من رئيس مجلس النواب الجمهوري بأنه سيسمح له بإلقاء خطاب بـ«الكونغرس» رغم معارضة الرئيس الديموقراطي.
وبالتزامن مع بوادر نشوب أزمة دبلوماسية بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي على خلفية اعتراف أيرلندا والنرويج وإسبانيا بـ «الدولة الفلسطينية»، ذكرت وزارة الخارجية الإسرائيلية أنها استدعت سفراء البلدان الثلاثة لتوجيه توبيخ وعرض لقطات مصورة لم تُنشر من قبل تظهر مسلحي «حماس» وهم يقتادون 5 مجندات.
ومع تكثيف إسرائيل جهودها لاحتواء التحرك الغربي المحرج، أعلن رئيس كولومبيا، غوستافو بيترو، ليل الأربعاء ـ الخميس، أنه يخطط لإقامة سفارة لكولومبيا في رام الله، مقر السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية المحتلة.
معارك وتوتر
في هذه الأثناء، وسّع الجيش الإسرائيلي عملياته إلى مناطق جديدة في مدينة رفح، واقترب من وسط المدينة المتاخمة لحدود سيناء، في حين شدد المتحدث باسم الجيش، دانيال هاغاري، على أن مصر «دولة مهمة بالنسبة لإسرائيل بالإضافة إلى أنها تقوم بوساطة في مفاوضات الرهائن»، لافتا إلى أن بلاده «تعمل على ألا تتسبب العملية المعقدة في رفح، إلى دفع المدنيين للتوجه نحو حدودها».
ووسط تنامٍ للخلافات الداخلية، كذّب نتنياهو تصريح متحدث باسم الجيش عن تلقيه 4 إنذارات من الأجهزة الأمنية قبل اندلاع الحرب، مؤكدا أن «التقارير زعمت أن حماس تم ردعها قبل هجوم 7 أكتوبر»، ومدعيا أن «التقارير الأمنية بدلا من ذلك تعطي تقييما معاكساً تماماً لإمكانية شن حرب من غزة».
جاء ذلك بعد أن قال متحدث باسم الجيش إن الاجهزة الاستخباراتية حذّرت رئيس الوزراء 4 مرات في العام الماضي من أن الأعداء ينظرون إلى الشرخ الاجتماعي جراء الخلاف بشأن «خطة تعديل سلطة القضاء» وما صاحبها من احتجاجات تضمنت تعليق ضباط وطيارين بالاحتياطي لخدمتهم بالجيش.
في المقابل، أكد وزير الدفاع المصري الفريق أول محمد زكي أن القوات المصرية «قادرة على مجابهة أي تحديات تفرض عليها»، مشددا على أن الدولة المصرية لها ثوابت لا تحيد عنها وتدعم القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين بأقصى درجات الحكمة.
من جانب آخر، أعلنت القوى الوطنية في جنين أنها ستنفذ إضراباً شاملاً، أمس، حداداً على قتل إسرائيل 11 شخصاً في عملية اقتحام استمرت يومين للمدينة ومخيمها.
لماذا نشر فيديو «فظائع المجندات»؟
تضاربت تقارير عبرية، أمس، بشأن السماح بنشر فيديوهات عن «الفظائع التي تعرضت لها مجندات خلال أسرهن» في هجوم «طوفان الأقصى»، الذي شنته «حماس» في 7 أكتوبر الماضي، إذ قالت مصادر مقربة من عائلات المحتجزات إنها قبلت بنشر المشاهد الصادمة، عقب انسداد الأفق وشعور أفرادها بأن الحكومة والجيش فشلا في إعادة ذويهم، أو أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يبحث عن «النصر المطلق»، الذي قد يعني تراجع فرص عودة الأسرى أحياء.
في المقابل، ذكرت قناة «الأخبار الـ12» العبرية أن نتنياهو توجه إلى مسؤولي الجيش، وطلب منهم نشر المزيد من مقاطع الفيديو للأحداث الدامية، بعد «إزالة المشاهد الصعبة التي لا يمكن نشرها» لتدعيم موقف حكومته.
ونددت «حماس»، أمس، بـ«التلاعب في مشاهد الفيديو»، الذي يظهر أحداث أسر المجندات الإسرائيليات بهدف التضليل، معتبرة أنه من «المنطقي ظهور آثار عنف ودماء على وجوه بعضهن» خلال اقتحام القاعدة العسكرية التي كنّ بها.