لبنان يترقب قمة أميركية ــ فرنسية ولودريان يحمل اقتراحاً بـ «حوار باريسي»
ينتظر لبنان جهوداً دبلوماسية جديدة تتصل بالعمل على الوصول إلى إيجاد تسوية سياسية حدودياً ورئاسياً.
وتتجمّع أجواء مختلفة في الداخل والخارج تفيد بأن هناك فرصة جدية خلال الفترة الحالية يمكن الاستفادة منها لتمرير إنجاز الاستحقاق الرئاسي، وفصله عن مسار الحرب في غزة. ومن بين ما تقوله الأوساط الدبلوماسية هو أنه في حال لم يتم الوصول الى تسوية تنتج رئيساً وتعيد تشكيل السلطة حالياً، فيمكن أن ترحّل الاستحقاقات الى ما بعد الانتخابات الأميركية، وربما الى عام 2026، موعد الانتخابات البرلمانية الجديد، على قاعدة أن هذا المجلس النيابي قد لا ينتخب رئيساً.
الحركة التي سيشهدها الداخل اللبناني، كانت قد استبقت باتصال أجراه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وبتواصل تجدد بين الفرنسيين والأميركيين في سبيل تنسيق المواقف، والعمل على الوصول الى صيغة مشتركة يمكن ترجمتها عملياً داخل لبنان. هذا التواصل الأميركي - الفرنسي يأتي قبيل التحضير لعقد قمة فرنسية - أميركية بين الرئيسين جو بايدن وإيمانويل ماكرون، ووفق ما تؤكد مصادر دبلوماسية فرنسية، فإن ماكرون يريد أن يجعل الملف اللبناني عنواناً رئيسياً على طاولة البحث مع واشنطن. في مرحلة تعيد التذكير بالقمة الفرنسية - الأميركية بين جاك شيراك وجورج بوش عام 2004، والتي انعكست دعماً كبيراً للمعارضة في لبنان وللقرار 1559 وما تلاه من أحداث.
في الاتصال بين ماكرون وبن سلمان، تكشف المصادر الدبلوماسية الفرنسية أن الرئيس الفرنسي سعى الى إقناع بن سلمان بضرورة تغيير المقاربة السعودية للبنان، والانخراط أكثر في الملف وإيلائه اهتماماً أكبر في ظل التطورات المتسارعة، وعدم البقاء في حالة اللامبالاة، وذلك للوصول الى نقاط مشتركة تنتج تسوية من خلال الدول الخمس المعنيّة بلبنان.
وفي لبنان هناك تفسيرات كثيرة لما هو مقصود بتغيير المقاربة والاهتمام أكثر، فبعض الأطراف تعتبر أن فرنسا تستشعر انخراطاً أميركياً - قطرياً في العمل على إنجاز التسوية، وهي لا تريد أن تكون خارج المشهد، وتسعى لإقناع السعودية بالسير معها لمواكبة هذا المسار.
وهذا الحرك سيترجم أيضاً بزيارة تجريها السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون غدا الى رئيس مجلس النواب نبيه بري، ووفق المعلومات، فإن جونسون ستبحث مع بري في ضرورة عقد جلسات انتخابية والتخلي عن كل الشروط، كما أنها ستوصل له رسالة بأن هناك الكثير من الضغوط داخل «الكونغرس» الأميركي لفرض عقوبات على مسؤولين في لبنان، وهناك دعوات لتخفيض نسبة الدعم المقدم للجيش اللبناني، وبعض التلويحات حول العقوبات تشير الى أن أعضاء في «الكونغرس» يريدون الضغط على رئيس مجلس النواب من خلال تهديده بفرض عقوبات عليه، فيما يتلقى بري رسائل أخرى بأن هناك مساندة له داخل الإدارة الأميركية، وهناك من يرفض أن تفرض عليه عقوبات، باعتبار أنه المفتاح لكل الحلول، وخصوصاً حول الوضع في الجنوب.
كل هذه الملفات ستحضر في لقاء السفيرة الأميركية وبري، الذي يشدد على موقفه المؤيد للحوار والتفاهم، ويبدي استعداده لعقد جلسة انتخابية بدورات متتالية، ولكن سيكتشف السفراء والمعنيون حينها أن أي جلسة انتخابية لن تؤدي الى أي نتيجة، مادامت هناك جهات ستستخدم سلاح النصاب لتعطيلها، ولذلك هو يتمسك بموقفه من الحوار والتفاهم، وهذا هو السبيل الوحيد لتحصين الجلسات وإنتاجيتها.
الجانب الآخر من هذه الجهود سيتمثل بالزيارة التي سيجريها المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان، الثلاثاء، للقاء مختلف المسؤولين وسفراء الدول الخمس أيضاً، في إطار السعي للوصول الى تسوية. وبحسب المعلومات، فإن لودريان يحمل أكثر من فكرة، أولها كيفية الوصول الى تفاهم بشأن الدعوة لعقد جلسات التشاور، ومن الجهة التي ستدعو لذلك، وبعدها عقد جلسات الانتخاب مع التعهّد بعدم تطيير النصاب. أما الفكرة الأخرى التي قد يبحثها لودريان فهي تتصل بانخراط باريس أكثر بالملف اللبناني من خلال رعايتها هي للحوار، سواء في لبنان أو في العاصمة الفرنسية إذا اقتضت الحاجة.