• عاد التوتر ليصبح سمة العلاقة بين العراق والكويت في السنوات الأخيرة، فما هي برأيك الأسباب؟ وكيف يمكن معالجة التحديات التي تواجه العلاقة بين البلدين؟

- لا أرى ذلك، فالعلاقات العراقية ـ الكويتية أقرب إلى الطبيعية منها إلى المتوترة. لقد تم تجاوز الهوة التي خلّفها الغزو الهمجي لنظام طاغية البعث، وأدعو إلى التأسيس على تجاوزها كلياً من خلال مؤسسات البلدين حتى المدنية منها، وبما في ذلك الإعلام الذي يمارس الطيش المغرض في وصف العلاقات الثنائية، وبما في ذلك أسلوب (الطشّة) لبعض النواب هنا وهناك والذين يعزفون على وتر مقطوع!! نعم، نحتاج إلى إعادة تأسيس شاملة للعلاقات العراقية ـ الكويتية للانطلاق بها إلى الأمام، وببنى راسخة تستند إلى 3 ثوابت: الاعتراف والحفاظ على سيادة البلدين، ووحدة المصالح والمصير المشترك، وأزلية الجغرافيا واستحقاقاتها.

Ad

قراءة سياسية

• ما هو رأيكم في حكم الدستورية بخصوص اتفاقية الملاحة في خور عبدالله مع الكويت؟ وهل تعتقد أن العراق يجب أن يواصل الالتزام بها؟

- هناك قراءة سياسية وإعلامية مغرضة وقصدية لتحريف مضمون قرار المحكمة الاتحادية العليا في العراق مما سبب كل هذا الضجيج ولأهداف معروفة. الحقيقة أنّ المحكمة الاتحادية العليا لم تلغِ الحدود الدولية بين العراق والكويت، ولم تمس أصلاً موضوع الحدود البحرية في «خور عبدالله» والمرسومة بقرار مجلس الأمن رقم 833 لسنة 1993. والعراق أعلن احترامه لحرمة تلك الحدود ومن ضمنها حدود «خور عبدالله» والذي تم تقسيمه إلى نصفين بين العراق والكويت بشكل دقيق من عمود 136 ولغاية عمود 162، وهناك خرائط تثبت ذلك لدى الطرفين، إضافة إلى وجود نسخ منها في المكتبة الرقمية للأمم المتحدة. وعليه فالوصف القانوني الدولي لـ«خور عبدالله» أنه منفذ بحري مشترك بين جمهورية العراق ودولة الكويت، ولا جدال أو إشكال أو اعتراض على هذا الوصف. وحكم المحكمة الاتحادية العليا في العراق بعدم دستورية قانون رقم (42) لسنة 2013 كان متصلاً بتنظيم الملاحة في «خور عبدالله» باعتباره ممراً مائياً مشتركاً ولم تلغِ أو تطالب بإعادة رسم الحدود بين البلدين. والدول كافة تدخل في معاهدات ثنائية لتنظيم الملاحة في أي منفذ مشترك بينها، ومثل هذه المعاهدات ليست جامدة، بل تتحرك وفق مصالح الدول، لكن ضمن حدود الاعتراف السيادي بالحدود الدولية.

أزمة الميناءين

• كيف برأيكم يمكن حل أزمة ميناء الفاو وميناء مبارك الكبير إذا صح التعبير بأنها أزمة؟

- ليس هناك أزمة في هذا الصدد، والكويت لم تعترض على ميناء الفاو كحق عراقي سيادي، ولا أرى سبباً في وصف قضية الميناءين بالأزمة، فلكل بلد مصالحه الاستراتيجية، والانطلاق من خلال أسس التفاهم والتكامل يضمن حل اي خلاف تكتيكي بما في ذلك تنظيم الملاحة بين البلدين.

• عند إطلاق طريق التنمية تعهد العراق بإشراك دول الجوار، لكن جرى توقيع مذكرة رباعية بين العراق وتركيا والإمارات وقطر لم تشارك فيها معظم دول الجوار، أي الكويت والسعودية وإيران وسورية، فلماذا برأيك هذا التناقض؟ وهل يثير الطريق أزمات عراقية مع دول الجوار بدلاً من أن يساعد في تحقيق التكامل الاقليمي؟

- هل مثل هذا الاعتراض موجّه أيضاً إلى دولة الإمارات باعتبارها قد وقعت على «طريق التنمية» العراقي مؤخراً؟!... وهل المشروع الاستراتيجي الذي أعلن عنه في 2023 والذي يربط الهند بأوروبا عبر السعودية والإمارات والأردن وإسرائيل، لم يثر حساسية الكويت أو مصر ومصالحها بقناة السويس؟! هذه قضايا ومصالح سيادية للدول، ويجب ألا ننظر إلى الأمور بمواقف قبلية نمطية. أمور الاتفاقيات تحددها مصالح كل دولة، وبحسب علمي أن الممانعة من اشتراك وإشراك الكويت في طريق التنمية لم تكن عراقية. العراق مع أي جهد بنّاء يعزز التكامل الإقليمي والذي يجب أن يقوم على السلام والتعاون والتنمية لخير شعوب المنطقة.

المؤسسة العسكرية

• كيف يمكن للعراق أن ينتهي من فوضى السلاح والميليشيات والانقسامات داخل المؤسسات العسكرية بما في ذلك الحشد الشعبي؟

- ليس لدينا انقسامات بالمؤسسة العسكرية، ومن يروج لذلك مخطئ. أما الحشد الشعبي فقد انتظم بقانون، وهناك اشكاليات معينة في طريقها إلى الحل. وجميع الاشكالات المتصلة بالسلاح والمجاميع العسكرية ستُحلّ بتكامل مسيرة الدولة وضبط أدائها والذي هو قائم وسيتطوّر. أقول، يجب ألا ننظر وننظّر بعيداً عن واقع العراق بعد سقوط نظام البعث، فالعراق مرّ بمخاضات وجودية انتصر فيها بإرادته الشعبية والسياسية والعسكرية وفي مقدمتها تحدي الإرهاب الداعشي الذي لو أصاب أي دولة بالمنطقة لدمرّها، ولم تكن لتنتصر عليه كما انتصر العراق.

• هل تراجع دور المرجعية العليا في النجف؟ ولماذا هناك انطباع بأن المرجعية منكفئة؟

- المرجعية العليا ليست منكفئة، ومثل هذا الوصف لا نقبله. المرجعية العليا تمارس وما زالت وبنشاط وهمّة جميع مهامها الدينية والمجتمعية بما يحفظ للعراقيين معتقداتهم وقيمهم وتعايشهم وسلامهم الداخلي والخارجي، وهذا هو واجبها الأساس.

أما الجانب السياسي فالمرجعية العليا ليست معنية بتفاصيل حركية العملية السياسية، هي تتدخل عندما تتهدد مصالح الشعب والبلاد، وبما يحفظ المسيرة العامة للبلاد.

• نفوذ إيران يتقدم أم يتراجع داخل العراق؟ وكيف يمكن مقاربة العلاقات بين البلدين بطريقة تحقق التوازن؟

- إيران حاضرة كباقي دول المنطقة وبعض العواصم الدولية، ونفوذ الدول ببعضها قائم في كل دولة... الاختلاف بالدرجة لا في النوع.

أما المقاربة للعلاقة بين العراق وإيران كما العلاقة مع دول الجوار العراقي كافة، فرؤيتي لها: أنّ مصلحة وسلام واستقرار دول المنطقة كافة قبل العراق، في اعتماد نظرة وسياسة تقوم على اعتبار العراق مركز ثقل استراتيجي مسالم وموحد وقوي، يُعتمد كمركز تنسيق ولقاء وتكامل إقليمي، فالعراق هو الوحيد الواقع بمركز «رابط» للأمم الثلاث: العربية والإيرانية والتركية، ووجود عراق غير مستقر وضعيف سيجر المنطقة إلى الضعف والانقسامات، وتقسيم العراق هو تقسيم لدول المنطقة، وبقاؤه ساحة صراع سيحوّل المنطقة إلى بؤر صراعات تتراكم لتنفجر.. الأفضل للعراق والمنطقة قيام عراق موحد ومسالم ومتكامل وبالذات اقتصادياً مع جيرانه، ولضمان توازن المصالح الجيوسياسية الكبرى في المنطقة.

ثق، حجر الزاوية باستقرار وتكامل المنطقة هو العراق إذا ما تحلّت الدول بنظرة استراتيجية مسؤولة تجاه المستقبل.

أملي أن نكون قد استوعبنا دروس التاريخ، فالعراق المنحاز أو المتغوّل أو الضعيف ليس في مصلحة أحد كما ليس في مصلحة نفسه. المطلوب أن نتعاون لنتكامل ونعيش بأمان ورخاء.