سلطة العلم والعقل وبوصلة الدولة
نصت المادة (29) من دستور دولة الكويت على أن «الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين».
كما بينت المادة (36) من الدستور بأن «حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما، وذلك وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون»، وقد بين الدستور في المواد (50)، (51)، (52)، (53) أن نظام الحكم يقوم على ثلاث سلطات هي السلطة التشريعية (مجلس الأمة) التي يتولاها الأمير والسلطة التنفيذية (مجلس الوزراء) التي يتولاها الأمير، والسلطة القضائية التي تتولاها المحاكم باسم الأمير، ويقوم نظام الحكم على أساس الفصل بين السلطات الثلاث مع تعاونها وفقا لأحكام الدستور، ولا يجوز لأي سلطة منها التنازل عن كل أو بعض اختصاصها المنصوص عليه في الدستور.
وبالرغم من تطور مواد الدستور الكويتي ورقيها، الذي تم إقراره والتوافق عليه قبل أكثر من 70 عاماً فإن الواقع العملي والممارسات التي تمت منذ إقرار الدستور أثبتت أن هناك خللاً على أرض الواقع وانحرافاً في ممارسات السلطتين التشريعية والتنفيذية، حيث حادتا عن جادة الصواب في كثير من القضايا الاستراتيجية التي تمس المصلحة العامة وأمن المجتمع واستقراره ونموه وتطوره، بل إن بعض الممارسات أدت إلى تخلف الدولة وتراجعها في العديد من مؤشرات التنمية البشرية!
وعليه فقد برزت الحاجة لوجود سلطة رابعة هي «سلطة العلم والعقل» التي تقوم على العلم والبحث العلمي، وتضم أهل الحكمة والحنكة والخبرة وأصحاب الرأي والنظرة العلمية الثاقبة في كل التخصصات العلمية المتميزة، ويمكن من خلال السلطة الرابعة التي تدعو إليها الحاجة (و نعني بها سلطة العلم والعقل) توجيه «بوصلة الدولة» وترشيد توجهاتها وسياساتها واستراتيجياتها التنموية التى أصابها التشويش في ظل تداخل السلطات الثلاث وطغيان المصالح الشخصية على المصلحة العامة.
فالدولة في ظل هذه الممارسات أصبحت بلا منطق علمي و«بلا عقل» توجهها المصالح الشخصية والآنية ولا تفكر في مستقبل الدولة ومستقبل الأجيال القادمة، نعم نحن في أشد الحاجة إلى «السلطة الرابعة سلطة العلم والعقل والحكمة» التي تضع مصلحة الدولة فوق كل اعتبار.
وتبقى أسئلة: كيف يتم إيجاد وتكوين هذه السلطة؟ ومن أعضاؤها؟! وكيف يتم اختيارهم؟ وكيف تُمارس مهامها واختصاصاتها؟ وما علاقتها مع السلطات؟ وما الضمانات لحماية السلطة الرابعة من التأثير السلبي الذي يمكن أن تمارسه باقي السلطات على السلطة الرابعة (سلطة العلم والعقل)؟!
يمكن أن يتهمني البعض بأنني قد خرجت عن المألوف وأبحث عن جمهورية أفلاطون الفاضلة!! لكنني أفكر خارج الصندوق لعلني أَجِد حلاً ومخرجاً للتراجع والتخلف الذي تعيشه معظم مؤسسات الدولة ومرافقها العامة بالرغم من توافر الكفاءات الوطنية والموارد المالية والبشرية والموقع الجغرافي الاستراتيجي وما تملكه الدولة من علاقات سياسية وإنسانية ودولية متميزة مع دول العالم كافة.
أتمنى أن نفكر جادين بايجاد السلطة الرابعة (سلطة العلم والعقل والحكمة) للخروج من المأزق التنموي الذي نعيشه.
ودمتم سالمين.