أحب هذه الأرض

نشر في 27-05-2024
آخر تحديث 26-05-2024 | 18:26
 حـنان بدر الرومي

كنت من الأشخاص الذين قاطعوا الانتخابات السابقة «4 أبريل 2024 م»، فلقد كانت قراءتي الخاصة للأحداث ومعطياتها تنبئني بأن عمر المجلس قصير وستعلق الانتخابات لسنوات، وإن لم أتوقع سرعة الأحداث وشدة القصر، وأذكر فى إحدى الجلسات الاجتماعية دارت الأحاديث الغاضبة عن الأداء البرلماني والحكومي وأنه لا توجد بارقة أمل فكان ردي الخاص اصبروا فالقيادة تحتاج لترتيب الأوراق لتصحيح المسار.

قرار حل المجلس وتعليق الانتخابات وتنقيح بعض مواد الدستور لاقى ردود أفعال متباينة، فأهل الكويت شعروا بالفرح، وأن هماً كبيراً رزخ على صدورهم لسنوات قد رفع أخيراً وبشجاعة، وهناك فئة غاضبة لخسارتها مكاسب كبيرة، لذلك فهم يسعون لإثارة الفتنة ونشر المخاوف، أما الفئة الثالثة فمرعوبة حتى الصميم فقد تكشف الأيام عوالم التزوير والفساد التي أدمنوها، أما الفئة الرابعة فهي تعاني بطئاً شديدا فى التعلم وفهم الأحداث، ويتوهمون بأنهم يملكون أساليب الضغط الناجحة.

عشت زمن النهضة وزمن لمعان اسم الكويت درة الخليج زمن البناء والعمل والنشاط زمن الإخلاص الذي عرف عن أهل الكويت، كان الجميع يعرفون بعضهم (كلنا عيال قرية وكل يعرف أخاه) فهم كويتيون بالولاء والانتماء، كان شعار أهل الكويت يتلخص بكلمتي النخوة والسنع، أما حب الوطن فلم يكن يقبل المزايدات، وفي كل السجالات السياسية والاجتماعية والحياتية كانت لغة العقل والحكمة والتمسك بطيب العلاقات هي الغالب الدائم، وأضرب المثال بأشرس معارض للسلطة التنفيذية الدكتور الراحل أحمد الخطيب الذي لم يسجل له ولا مرة واحدة التعسف في استخدام الأدوات الدستورية، ولم يستعمل أسلوب التهديد والوعيد، ولم نسمع في تاريخنا السياسي ألفاظ التطاول على الحكومة والقيادة الشرعية بل كان الاحترام هو ما تميزت الكويت في تلك الحقبة.

حب الوطن الحقيقي جعلنا في مركز الريادة السياسي وفي التعليم والصحافة والفن والرياضة ولأسباب مختلفة زحف للكويت مغول جدد لم يخرجوا من صفحات التاريخ، بل زحفوا من دول مجاورة يدفعهم الطمع والشره لكل ما في هذه العروس الجميلة من مميزات، فظهرت فئة المزورين والمزدوجين عدا التجنيس السياسي لتحقيق الولاءات وكسب الأعوان، وأقبلوا لنهب خيرات البلد وخرج من أصلابهم أبناء رضعوا الطمع والحسد والكره لكل ما هو كويتي، ولأن الدول أزمنة استغلوا زمن ضعف الحكومات فنفثوا سمومهم الكريهة في كل مكان، وعرقلوا الإصلاحات والتنمية.

كان التزوير مرتعا خصبا لهم فتم تحريف الأسماء والبيانات، وألصقوا أنفسهم بعائلات معروفة، ثم تم تزوير شهادات الميلاد والشهادات العلمية، واعتلوا المراكز القيادية ليعبثوا بكل نجاح، وتنافسوا لبناء صورة لامعة لأنفسهم على حساب مصلحة الوطن والمواطن، ومن يعارضهم أو يسعى لكشف أعمالهم المخربة يتعرض لإرهاب فكري يدعمه الإرهاب السياسي، وهكذا صار المجتمع الكويتي ضحية التزوير والتخريب والإرهاب وتراجع مؤشر الكويت حزيناً عن مراكز الريادة، فلقد كان معول الهدم والتدمير للبلد قويا.

ارتدى المخربون قناع الإصلاح والوطنية، وتمادوا في صولاتهم وجولاتهم حتى تطاولوا فأتاهم ما لم يتوقعوا، وصدر مرسوم حل المجلس وتعليق بعض بنود الدستور ومراجعتها، شجاعة الأمير الشيخ مشعل الأحمد، حفظه الله ورعاه، في اتخاذ هذا القرار والسير مضيا لتنفيذه، والعمل لحماية الهوية والمصلحة الوطنية يفتح بوابة الأمل، فهذه الأرض الطيبة تستحق من يحبها ومن يحميها، نحن الكويتيين لا نريد أن نفقد الثقة في المستقبل أو أن نتعامل بالظنون، لكننا نريد أن نسترجع كويتنا الجميلة المزدهرة، وأن يعيش أبناؤنا وأحفادنا بأمان وخير وتنمية مستمرة.

حفظ الله الكويت وقيادتها وشعبها من كل مكروه.

back to top