في حادث هو الأول من نوعه منذ اندلاع حرب غزة في 7 أكتوبر الماضي، وقد يكون الأخطر منذ توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل في 1979، وقع اشتباك لم تتضح جميع تفاصيله بين جيشَي البلدين في محيط معبر رفح البري، مما أدى إلى مقتل جندي مصري، غداة مجزرة مروعة ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في رفح، حيث قصف مخيماً للنازحين الفلسطينيين، مما أدى إلى احتراق خيامهم ومقتل أكثر من 45 شخصاً.
وبينما قال المتحدث العسكري المصري، في بيان مقتضب أمس، إن «القوات المسلحة تجري تحقيقاً بواسطة الجهات المختصة حيال حادث إطلاق النيران بمنطقة الشريط الحدودي برفح، والذي أدى إلى استشهاد أحد العناصر المكلفة بالتأمين»، ذكر الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «يحقق بالحادث الحدودي، ويجري حواراً بشأنه مع الجانب المصري».
وأفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي بأن مسؤولين في الجيش و«الشاباك» أجروا محادثات مع نظرائهم المصريين لمنع تدهور العلاقات التي تشهد توتراً منذ بدء الهجوم البري على منطقة رفح التي تضم المعبر البري المغلق أمام إدخال المساعدات.
وجاء الإعلان الإسرائيلي الرسمي، بعد وقت وجيز من حذف الرقابة العسكرية أخباراً تداولتها منصات عبرية نقلاً عن مصادر رسمية تفيد بأن «قوة مصرية شرعت في إطلاق النار أولاً على شاحنة إسرائيلية»، زاعمة أن «قوات إسرائيلية تابعة للواء 401 مدرع، تبادلت إطلاق النار مع القوات المصرية بالبنادق دون إشراك الدبابات»، في وقت أكدت مصادر مصرية أن الجانب الإسرائيلي هو من بدأ إطلاق النار.
وقبل ساعات من الحادث الذي يذكّر بخطر تمدد الحرب وتحولها إلى حرب إقليمية مدمرة، شن الجيش الإسرائيلي غارة جوية قال إنها استهدفت قياديين بحركة حماس في مخيم يؤوي عشرات الآلاف من الأسر التي نزحت من شرق رفح باتجاه المناطق الغربية الأقرب إلى حدود سيناء المصرية، هرباً من المعارك بين القوات الإسرائيلية والفصائل المسلحة.
وأدت الغارة الإسرائيلية، التي تسببت باحتراق الخيام، إلى مقتل 45 شخصاً على الأقل معظمهم من النساء والأطفال، وإصابة 249 آخرين.
وفي وقت تضرب سلطات الاحتلال الإسرائيلي عرض الحائط بقرارات محكمة العدل الدولية التي أمرت بوقف العمليات العسكرية في رفح فوراً، والعمليات في غزة عموماً، نددت عدة دول عربية وأوروبية في مقدمتها الكويت بالضربة الإسرائيلية التي تشكل جريمة حرب.
وأعربت وزارة الخارجية، في بيان، عن إدانة واستنكار الكويت لمجزرة رفح، مؤكدة أن «ما تقوم به القوة القائمة بالاحتلال ضد العُزّل من الفلسطينيين يكشف بشكل جلي ارتكابها، أمام العالم أجمع، إبادة جماعية غير مسبوقة وجرائم حرب صارخة تستدعي تدخلاً فورياً وحازماً من المجتمع الدولي لإلزام تلك القوات بالانصياع لكل قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وفي مقدّمتها قرار محكمة العدل الدولية الواضح والصريح بضرورة وقف استهداف مدينة رفح، وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني».
واتهمت السلطة الفلسطينية الدولة العبرية بتعمد استهداف المدنيين في منطقة سبق إعلانها «آمنة».
من جهتها، حمّلت «حماس»، إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن المسؤولية عن وقوع المجزرة، وأبلغت الوسطاء أنها لن تشارك في أي مفاوضات بعد حادثة رفح، داعية الفلسطينيين إلى «الانتفاض والخروج بمسيرات غاضبة».
ومع تنامي الضغوط الدولية ضد سلوك الدولة العبرية، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه يحقق في «الحادث الخطير» والغارة التي تسببت باندلاع حريق في خيام النازحين.
ووصف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ما جرى بأنه خطأ كارثي، لكنه جدد التأكيد أنه ليس مستعداً لإنهاء الحرب، وقال إن زعيم «حماس» يحيى السنوار يفرض شروطاً لـ «الاستسلام» تهدد أمن إسرائيل ومستقبلها، مشدداً على أنه لا بديل عن «النصر الساحق».
جاء ذلك في وقت حذّر الوزير بحكومة الحرب المصغرة غادي آيزنكوت من أن «حماس» تجدد قوتها، والحرب ضدها ستستمر سنوات طويلة، داعياً إلى إبرام صفقة لتبادل الأسرى وإنهاء القتال برفح ووقف النار مؤقتاً بغزة.
وفي ظل استعصاء إيجاد مخرج لإنهاء دوامة العنف الدامية التي تجاوز عدد قتلاها على الجانب الفلسطيني 36 ألفاً، عقد وزراء خارجية السعودية ومصر والأردن وقطر مباحثات مع نظرائهم الأوروبيين في بروكسل تناولت التحاق الاتحاد الأوروبي بترتيبات اليوم التالي للحرب.
وأعلن مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد جوزيب بوريل أن وزراء الخارجية الأوروبيين أعطوا الضوء الأخضر أمس لإعادة تفعيل بعثة حدودية لـ «الأوروبي» في مدينة رفح بجنوب القطاع، مضيفاً أن مثل هذه المهمة ستحتاج إلى دعم مصر وإسرائيل والفلسطينيين.