قال وزير المالية السابق مناف الهاجري إن هناك متطلبات محلية في كل دول العالم، وخصوصاً الصناعية تحتم عليها دعم منتجها المحلي، ومن هذا المنطلق فإن الكويت وبسبب تأخرها عن اللحاق بركب الصناعة يحق لها أن تمنح منتجاتها نظرة تفضيلية، على الرغم من وجوب احترام جميع الاتفاقيات الدولية.

كلام الهاجري جاء خلال حلقة نقاشية بعنوان «فلسفة أفضلية المنتج المحلي على المنتج الوطني والمستورد في قانون المناقصات»، والتي عقدها اتحاد الصناعات الكويتية، أمس، بحضور رئيس الاتحاد حسين الخرافي، والأستاذ المساعد في القانون الضريبي والمالي في كلية الحقوق بجامعة الكويت، د. سارة خالد السلطان، وممثلين عن الشركات الأعضاء في الكويت.

Ad

وأوضح أن «إعطاء أفضلية للمنتج المحلي موجود في الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية منظمة التجارة العالمية لأنه بقدر ما تضع قيوداً فهي تمنح في الوقت نفسه فرصاً، أحياناً بشكل صريح وأحياناً أخرى بشكل مسكوت عنه».

ولفت إلى أن هناك تجارب ناجحة في الكويت، ومنها على سبيل المثال، هيئة تشجيع الاستثمار والتي وضع قانونها بعناية حيث إنها تقوم بدعم المنتج المحلي كما تشجع الشراكات وتخلق وظائف للكويتيين «ولم نسمع من قبل أن قانون الهيئة اصطدم مع الاتفاقيات الدولية».

ولفت إلى أن الأمر يحتاج إلى وضوح أكبر في صياغة الأهداف الوطنية وترتيبها والتوفيق بينها وبين الاتفاقيات العالمية والإقليمية، معتبراً أن هذا ليس مستحيلاً.

وذكر أن وتيرة المكون المحلي ارتفعت بعد أزمة 2008 وكان من المفروض أن يستفيد القطاع الصناعي من ذلك «لكن لا اظن أن هذا الأمر حدث لسببين: تراجع الإنفاق الرأسمالي وتضارب الأهداف حول الصناعة، فضلاً عن التضارب مع اتفاقيات التجارة العالمية والإقليمية».

وأفاد الهاجري بأنه بعد 2008 زادت الحمائية في العالم وصدر 100 اجراء مكون محلي من معظم الدول الصناعية مثل أستراليا وكندا والولايات المتحدة والصين، لافتاً إلى أنه منذ 1960 تطورت انتاجية سنغافورة 18 مرة بفضل السياسات المدروسة بينما في الخارج لم تتطور.

وأشار إلى أن سياسة المكون المحلي هي واحدة من سياسات عديدة، مثل الدعومات المؤقتة، والتمويل الميسر، والإعفاءات الضريبية، وحمائية المشتريات الحكومية، إلى جانب التدريب المتخصص، والدبلوماسية التجارية، والرقابة، فضلاً عن البحث والتطوير، والاستثمار المباشر من الدولة، والتحالفات.

وقال رئيس اتحاد الصناعات حسين الخرافي: إننا سعينا من خلال الحلقة النقاشية أن ننقل وجهة نظر قانونية واقتصادية بحتة من خلال متخصصين، بحيث نطرح الأمر بشكل واضح أمام المشرع والمنفذ، للاطلاع على سماع الوجهات الأخرى في أولوية المنتج الوطني بهذا الشكل، لافتا إلى «أننا نسعى إلى تعديل قانون الشراء الحالي، تحت الدراسة حاليا، ونحن متفائلون بأن الحكومة ستتخذ القرار الصائب للمصلحة العامة، وربما يتم تنفيذ جزء من رؤية الكويت لعام 2035 من دعم القطاع الصناعي ليكون رافدا للقطاع النفطي».

وأشار الخرافي، في كلمته خلال الورشة، إلى أن دول الخليج وضعت أولوية للمنتج الوطني الخاص بها، لافتا الى أن هناك أشياء موثقة في هذا الشأن، لذا لابد من التعامل بالمثل، وفقاً لذلك لحماية المنتج الوطني، وإعطائه الأولوية من الناحية الاقتصادية.

وأضاف أن ميزانية مؤسسة الرعاية السكنية 2024/2025 تصل إلى نصف مليار دينار، ولو تم إعطاؤها الأولوية للصناعة الوطنية، ستنعكس إيجابا على السوق المحلي، بالتزامن مع باقي الميزانيات الأخرى للوزارات والهيئات، ومن المتوقع أن تبلغ ما يقرب من ملياري دينار ستساهم في دوران عجلة الاقتصاد الكويتي عبر إعطاء فقط الأولوية والأفضلية للمنتج الوطني.

من جانبها، قالت د. سارة خالد السلطان، الأستاذة المساعدة في القانون الضريبي والمالي بكلية الحقوق بجامعة الكويت، إنه «وفقاً للقانون لا توجد أفضلية للمنتج الخليجي أمام المستورد، كما أن الاتفاقيتين: الخليجية الاقتصادية الأولى والثانية توضحان انه لا توجد أفضلية للمنتج الخليجي أمام المستورد، لأن القانون حدد فقط المنتج المستورد دون تحديد الخليجي، ولكن عندما نتكلم عن أفضلية المنتجات الكويتية أمام الخليجية فإننا نجد الموضوع مختلفا، لوجود عيب في صياغة القانون».

وأضافت ان القانون أعطى الأفضلية للمنتج الوطني أمام المستورد، وكانت المعضلة في معرفة تعريف كلمة المستورد التي جاءت في القانون، وهل المقصود هنا أن المستورد يشمل المنتج الخليجي أم لا؟... أعتقد أن الأمر واحد في هذا الإطار، وبالتالي يكون هناك أفضلية للمنتج الوطني أمام الخليجي.

وشددت د. سارة على ضرورة أن يصدر تفسير تشريعي بمفهوم المنتج المستورد لا تعديل تشريعي لإيضاح المنتج الخليجي، وهل هو ضمن المنتج المستورد، على أن يطبق ذلك بأثر رجعي منذ تطبيق القانون.

ورداً على سؤال حول امكانية صدور قانون ينظم ذلك، قالت د. سارة «من الممكن إصدار أي قانون، ونتوقع ان يصدر قانون (الشراء العام) قريبا بهذه الطريقة».