«صدور حُكم قضائي بإدانة أحد الأشخاص كتب عبارات مسيئة دون ذكر اسم الشخص الشاكي مباشرة». الحُكم القضائي أكد أن «التلميح» وعدم ذكر الأشخاص مباشرة بعبارات مسيئة لا يعفي من العقاب، لأن المداورة شرها أبلغ من شر المصارحة.
مشكلة الأحكام القضائية أنها تصبح مرجعاً وأساساً ترتكز عليه الأحكام اللاحقة، خصوصاً إذا تم تثبيت الحُكم وتأكيده من قِبل المحاكم العالية. لهذا، فإن الحُكم المنشور أعلاه يشكِّل خطراً كبيراً على حرية الرأي، وحَجْراً عظيماً على التفكير، أو حتى إبداء المشاعر.
مشكلتنا هنا أننا جميعاً ضد حرية الرأي، وأن كلنا معنيون بتثبيت الحاضر، وتأكيد الموروث، والحفاظ على ما هو قائم، إما خوفاً من التغيير، أو حُباً في السلامة، أو تعلقاً بأوهام وخيالات.
في واقع الأمر ليس لدينا حرية رأي، ولم تكن. وحسب الحُكم الحالي، لن يكون أيضاً، فنحن نرى في كل رأي سباً، وكل حقيقة شتماً، وكل شعور قذفاً.
لا يمكن أن تعبِّر عن رأيك في أحد... على الإطلاق، اللهم إلا إذا كان مدحاً أو «عجافاً»... يعني أم أحمد هي الوحيدة المسموح لها أن تعبِّر عن رأيها. فهذا هـو كل ما هو مسموح به ومقبول من قِبل الجميع. أما الرأي الحُر، الخالي من المصلحة، فهو دائماً سب وقذف. «وحتى لا يروح أحد القضاة بعيد، ويصكني بحُكم، فالمقصود أم أحمد العجافة».
إذا توسعنا في الحُكم على حرية الرأي، وفقاً للحُكم الحالي، فإنه لا شيء يمكن أن يُقال. ولا رأي يمكن أن ينشر أو يعبر عنه، لأنه إذا كتبت مثلاً «كل طويل هبيل»، فإن أي شخص طويل لك علاقة به سـيدَّعي أنه تلميح عنه، وإن قلت «موكل مدلقم جوز»، فمن حق كل «مدحدح» أن يرفع عليك قضية!
نتفق أنه ربما، ونقول ربما، أنه صحيح ليس من المقبول انتقاد أو التعرض لشخص مسالم «قاعد» في بيتهم وكافٍ خيره وشره، لكن ليس من المعقول تحصين كل الناس، خصوصاً من شمَّر عن ساعده وأعدّ عدته ليحكمنـا أو يشرع لنا، أو يتدخل في خصوصياتنا، مثل بعض المتدينين.
ذات حضرة صاحب السمو هي المصونة فقط، أما البقية فهم متساوون معنا وأشباه لنا، ومن حقنا أن نردعهم أو نكشف زيفهم، خصوصاً ونحن الذين ليس لدينا «سياسياً» غير المدلسين والكذابين.