ماذا سيكون عليه الغد في الفكر والثقافة؟
هل ستتفتح الكويت ثقافياً؟ وهل ستطلق الحريات الاجتماعية – الثقافية لتدخل وتحطم الأبواب المغلقة على الفكر والحرية منذ عقود طويلة؟ كان العذر في السابق هو تسلط القوى الاجتماعية المتزمتة التي هيمنت على السياسة عبر بوابة مجلس الأمة، وإن لم يكن هذا صحيحاً فإنه كان الذريعة التي تتعذر بها السلطة في عقود الانغلاق والرقابة على الفنون والحريات، حتى أضحت الدولة سجناً كبيراً يضج بالجمود والضجر وضحالة الثقافة الإنسانية، واقتصرت الحياة على بهجة خاوية تمثلت في إدمان الاستهلاك في الأسواق والمولات الضخمة.
قبل أيام وقف الجمهور الفرنسي في باريس (العاصمة الحقيقية للثقافة بالعالم) عدة دقائق يصفق للمخرج المسرحي سليمان البسام وفريق التمثيل بعد عرض مسرحية «الصمت» التي تحكي برمزية محكمة عن انفجار مرفأ بيروت في أغسطس قبل أربع سنوات، والذي أطلق عليه «بيروشيما» تشبيهاً له بقنبلة هيروشيما التي أنهت الحرب الكونية الثانية.
ظل سليمان يعمل بجهده وأمواله الخاصة دون أي دعم من الدولة، وقدم خلال عشرين سنة عدة مسرحيات زارت عدة مدن كبرى ولاقت النجاح الكبير من الجمهور، كان يتم عرض تلك المسرحيات على أنها من بلده الكويت رغم عدم الدراية بها والاكتراث لها في وطنه.
حاز سليمان عدة جوائز دولية لمعظم ما قدمه في تلك الفترة، أما هنا فلولا النافذة الصغيرة التي فتحتها له الشيخة حصة صباح السالم في مسرح دار التراث الإسلامي لما عرفنا عن أهم أعماله الراقية، فشكراً للشيخة حصة التي تبنت ما تكاسلت عنه الدولة.
يقول سليمان إن مسارح الدولة شبه مغلقة منذ سنوات لعدم توافقها مع متطلبات الأمن والسلامة وعجز ميزانية المجلس الوطني عن القيام بأي أمر نحو الإصلاح، أما دار الأوبرا فتم تحويلها إلى صالة أفراح كبيرة يتم تأجيرها لفترات معينة لا أكثر، وحين اختارت المنظمة العربية للتراث والثقافة الكويت عاصمة للثقافة العربية، فهذا لا يعدو كونه رياءً سياسياً يجامل الدولة ولا علاقة له بالواقع المعيش، فالثقافة هنا اختصرت في فاشينستات التيك توك والابتذال السخيف لمسرحيات تجارية مغرقة في الخواء.
ربما هناك حاجة من السلطة – كما يقول سليمان في مقال سابق له- إلى أن تبادر بخلق مؤسسة الكويت للتقدم الثقافي برئاسة سمو أمير البلاد كما هو الحال مع مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، عندئذٍ قد تكون الكويت عاصمة للثقافة بصورة واقعية.
لنعد إلى موضوع ماذا تخبئ لنا الأيام في قضايا الحريات الاجتماعية – الثقافية مع الواقع الجديد الآن، هل هناك أمل للتغيير والانطلاق إلى عوالم الحريات والثقافة أم ستكون عودة إلى ذكريات سنوات 86 – 92 ولا جديد تحت الشمس؟!