لا شك أن نتنياهو وحكومته المتطرفة قد أوشكت على أن تخسر حربها على غزة، خصوصا بعد أن أمرت محكمة الجنايات الدولية باعتقاله ووزير دفاعه، وطالبت بمحاكمتهما على جرائم الحرب التي ارتكباها في غزة، كما أدانت المحكمة قادة حماس السنوار وهنية، وطالبت باعتقالهما وإحضارهما للمحاكمة.

استنكر كل من قادة حماس ونتنياهو حكم المحكمة، قادة حماس رأوا أن المحكمة في حكمها ساوت بين الضحية والجلاد، فهم يعتقدون أن إسرائيل تحتل وطنهم، والقانون الدولي يمنحهم حق الدفاع ضد المحتل، كما أن إسرائيل تعتقل في سجونها آلافا من الفلسطينيين رجالا ونساء وأطفالا أبرياء، فهي تطالب بتبادل المحتجزين لديها بالمسجونين الفلسطينيين.

Ad

أما نتنياهو فيتصور أنه بريء براءة الأطفال من التهم التي وجهتها له المحكمة، فقتل أكثر من 35 ألفاً من سكان غزة معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ الأبرياء، وهدم المنازل والمستشفيات والمدارس على ساكنيها، وتهجير السكان من قراهم ومدنهم قسراً ليست جرائم إبادة جماعية، من وجهة نظر هذا المجرم، ثم أمرت المحكمة بوقف الحرب التي تشنها إسرائيل على رفح فورا.

أما الصفعة الثانية التي تلقاها هذا المجرم، فتمثلت بخروج المظاهرات الحاشدة من الجامعات الأميركية والأوروبية وإسرائيل نفسها، حيث خرج من تلك الجامعات آلاف الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، يطالبون بوقف تلك المجازر الوحشية، التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي، ويستنكرون موقف حكوماتهم الداعم ماديا ومعنويا لتلك الدولة المعتدية.

أما الضربة الثالثة التي تلقتها إسرائيل فتمثلت باعتراف معظم دول العالم بالدولة الفلسطينية ومن حق الشعب الفلسطيني أن تكون له دولة، من ضمنها دول بالاتحاد الأوروبي، وأعلنت تلك الدول أنها ستقيم علاقات طبيعية مع الدولة الفلسطينية وستفتح سفارات لها في رام الله، ولن يفيد نتنياهو احتجاجه على تلك الدول، ولا استدعاءه سفراءها في تل أبيب وتوبيخهم وطالبهم بالتراجع.

لن يتمكن نتنياهو بإذن الله من وقف هذا المد المتنامي من جميع دول العالم لتأييد القضية الفلسطينية العادلة، ونأمل من الدول العربية وبصفة خاصة الشعب الفلسطيني استغلال ذلك الظرف استغلالا حسنا، دون ارتكاب أي أخطاء.

والضربة الرابعة التي تلقاها هذا العدو، وهي التي قصمت ظهر البعير، فتمثلت بالصمود البطولي للشعب الفلسطيني في تلك الحرب، فبعد مرور أكثر من سبعة شهور على تلك الحرب، ما زالت حماس التي يريد تدميرها قوية وصامدة ومحتفظة بسلاحها، وتتنقل بحرية من شمال غزة إلى جنوبها، تستدرج جنود العدو في كمائن، وتكبده خسائر فادحة، وتأسر بعض جنوده.

أمام هذه الضغوط اضطر نتنياهو لإبلاغ الجانب المصري برغبة إسرائيل في العودة للمفاوضات، ورد عليه الجانب الفلسطيني، لا مفاوضات إلا بعد خروج جيش الاحتلال من غزة، وهذا ما يقوله المتظاهرون ضده في إسرائيل، لا يمكنك الجمع بين عودة المحتجزين والاستمرار في الحرب.