غداة تعرُّض مطاعم أميركية في بغداد لهجمات تخريب، كرر زعيم التيار الوطني الشيعي مقتدى الصدر مطالبته بطرد السفيرة الأميركية لدى العراق، إلينا رومانوسكي، وغلق السفارة الأميركية «بالطرق الدبلوماسية المعمول بها، من دون إراقة دم، لكي نظهر خلقنا وسلميتنا أمام إرهابهم ووقاحتهم، وذلك أشد أذى لهم وأكثر ردعاً من استعمال القوة، كي لا يكون لهم حجة لزعزعة أمن العراق وشعبه».

وتأتي دعوة الصدر جراء ما يقوم به الجيش الإسرائيلي من «تطهير عرقي وإبادة جماعية وقصف للمخيمات في رفح»، على حد تعبيره، لكن دعوة الصدر الأخيرة «المكررة»، لم تجابه بأي رد فعل حكومي كالعادة.

Ad

وجاءت دعوة الصدر بُعيد تعرّض 3 مطاعم أميركية في بغداد خلال 24 ساعة لهجمات بقنابل وعبوات، أو اعتداءات من مسلحين، في عملية تبدو أنها منظمة، لكن لم تُعرف أهدافها وخلفياتها بعد. وتعرّض مطعم KFC التابع لسلسلة المطاعم الأميركية الشهيرة لهجوم بعبوة ناسفة انفجرت أمام الباب الخارجي، قبل أن تعلن القوات الأمنية اعتقال الجناة، دون الكشف عن الدوافع.

وتعرّض مطعمان آخران ضمن سلسلة المطاعم الأميركية لهجمات مشابهة في آن واحد، حيث تعرض مطعم KFC الجادرية لهجوم من مسلحين، قاموا بتكسير زجاج وأدوات المطعم، ولاذوا بالفرار، كما تعرّض مطعم جيلي هاوس في شارع فلسطين لهجوم بقنبلة يدوية.

ولم تُعرف بعد أسباب هذه الهجمات، وسط ترجيحات بأن تكون مرتبطة بالحرب على غزة، حيث سبق أن تمت مقاطعة هذه المطاعم في جميع أنحاء العالم، وبينها العراق، بسبب دعم فروعها الرئيسية لإسرائيل.

وكان الصدر قد دعا الحكومة والبرلمان العراقيين في 27 أكتوبر 2023، إلى إغلاق السفارة الأميركية في بغداد، احتجاجا على الدعم الأميركي اللامحدود لإسرائيل في حربها على غزة، وفق تعبيره.

كما عبّر الصدر، في بيانه آنذاك، عن أمله في أن تستجيب الحكومة والبرلمان، مضيفا أنه سيكون له تصرُّف آخر حال عدم التجاوب مع مطلبه.

من جانبه، قال الكاتب والصحافي زيد سالم لـ «الجريدة»، إن «دعوة الصدر هي رد فعل يمثّل التيار الصدري، وأن مقتدى الصدر يعتبر السفارة الأميركية والإدارة الأميركية داعمة للجرائم التي ترتكب بحق الأهالي فلسطين بشكل عام وأهالي غزة ورفح بشكل خاص».

وبشأن أنباء أن تواجه دعوة الصدر الأخيرة بالإهمال، مثلما حدث مع الدعوة السابقة، رأى سالم أن «الحكومة العراقية تمتلك اتفاقا استراتيجيا مع أميركا، وبذلك لن تطرد السفيرة الأميركية لدى العراق، لعدم وجود أي مبرر لطردها».

وبيّن أن «الحكومة بإمكانها تقديم احتجاج رسمي للسفيرة الأميركية، يتم خلاله شرح غضب العراق واستهجانه من الضربة في رفح والاعتداءات على غزة»، موضحا أن «الصدر هو ذاته يعرف أن علاقة العراق مع أميركا استراتيجية، أي بمعنى لا توجد إمكانية لطرد السفيرة الأميركية من العراق، لأن هذا لو حصل، فإن بغداد ستصبح رسميا في جبهة معارضة موالية لإيران».

ويرى الخبير الأمني حسن طارق، في حديثه لـ «الجريدة»، «عدم إمكانية أن تؤخد دعوة الصدر على محمل الجد، حتى هو نفسه يعرف ذلك، لكنّه يطلقها بين فترة وأخرى لإرضاء جمهوره ومحاولة كسب جمهور الإطار إليه من جهة، وإحراج الحكومة التي يرفع شعار المعارضة لها من جهة أخرى».

وفيما يخص استهداف المطاعم، أشار طارق إلى أن «أتباع التيار الصدري بعيدون كل البعد عن استهداف المطاعم الأميركية في بغداد التي بدأت منذ الأحد الماضي»، مبينا أن «الجهات التي تقف خلف الاستهداف منظمة ومدرّبة».

وتابع أن «الولايات المتحدة فاعل أساسي في الشأن العراقي، وطرد السفيرة سيجعل من العراق إلى جانب المحور المناوئ لواشنطن، وهذا الأمر لا تريده كل الأطراف، فضلا عن وجود عمل مضن تقوم به الحكومة العراقية للابتعاد عن سياسة المحاور لإبعاد العراق عن الصراع القائم في المنطقة».

وأضاف أن «قطع العراق علاقته مع واشنطن سيؤدي إلى خسارته الكثير من الاستثمارات الأميركية في العراق وبمجالات عدة، لذلك سيبقى العراق يعمل على تمتين العلاقات مع واشنطن وتوسيعها».