لا شك في أن الحكومة بالوضع الحالي مثقلة بأعباء والتزامات كثيرة، ولكن هناك من الأولويات الأساسية التي يجب الانتباه إليها، لأنه تنبني عليها استحقاقات لها أهمية قصوى، وتقود إلى نتائج أساسية في إدارة الدولة وفرض هيبة القانون، وتتصدر تلك الأولويات إعادة هيبة القانون التي تم - للأسف - انتهاكها، وأصبح تجاوز القانون هو الأصل، والاستثناء هو الالتزام به وتطبيقه.

وليس أدل على ما تقدم ما تسبب فيه المشرع - بقصد أو دون قصد - من المساهمة في إضعاف هيبة القانون، عندما ألغى الباب الرابع من قانون المرافعات المتعلق بحبس المدين ومنعه من السفر كإجراء مهم من إجراءات التنفيذ، وهو أمر ربما كان القصد منه استكمال حماية فئة المفلسين ممن ينطبق عليهم القانون رقم 71 لسنة 2020 بشأن الإفلاس، باعتبار أن حبس المفلس أو منعه من السفر غير مفيد في تخطي مرحلة تعثر المفلس، وهو مسوغ - رغم وجاهته - أدى إلى آثار سيئة، لأن إلغاء إجراء الحبس والمنع من السفر طبق على المدينين العاديين وغير الخاضعين لقانون الإفلاس، ممن صدرت عليهم أحكام نهائية بالإلزام، وهذا أدى إلى تراجع تنفيذ أحكام المحاكم، وأصبحت تلك الأحكام في نظر الكثيرين غير ذات جدوى، لاستحالة تنفيذها، وهو أمر غاية في الخطورة، لأنه يزعزع الثقة بالسلطة القضائية كلها، ولأن تلك الأحكام لا تعدو أن تكون كشمس لا تضيء ونار لا تحرق.

Ad

وما تقدم يستدعي وبشكل عاجل قصر إلغاء إجراءات حبس المدين ومنعه من السفر على من ينطبق عليه قانون الإفلاس، وترك توقيع تلك الإجراءات على غيرهم من المدينين لقاضي التنفيذ، والأمر هين ومتاح في ظل إمكانية صدور مرسوم بقانون بتعديل المادة الخامسة من مواد قانون الإفلاس.