هموم المواطنين ورغباتهم تكاد تنحصر في تحسين مستوى المعيشة، بزيادة الرواتب والأجور والمعاشات، وهي أولى الأولويات التي كانت معظم مجالس الأمة تتبناها، وتعد بها الحكومات السابقة التي تتحرج بدورها من قول «العين بصيرة واليد قصيرة»، وهناك مسائل مثل وضع الشوارع التعيس والتعليم السيئ والفساد ونهج التنفيع، والقائمة طويلة، لكنها لا تصل إلى أولوية «تحسين مستوى المعيشة» أي زيادة النقدي.
ماذا ستفعل هذه الحكومة؟ وهل تملك أي تصوّر واقعي لتحدي اليوم - ولا نقول الغد - الاقتصادي، مئات آلاف الخريجين القادمين في غضون الثلاث والأربع سنوات القليلة القادمة؟ لا يوجد مجلس نيابي يصدّع رأس الحكومة عن المواطن وقضاياه المعيشية هذه المرة، فهل ستكون السكة سالكة لها للإصلاح ومواجهة التحدي، أم ستمسك العصا من نصفها وترقّع من هنا وهناك بحُكم العادة؟!
محمد البغلي في أحد تقاريره الأخيرة بهذه الجريدة، تحدث بإسهاب عن الرفاهية الخاوية «الأصغر سناً... جرس إنذار لـ (الرفاهية الزائفة)... مليون كويتي مواليد بعد الغزو العراقي و42 في المئة منهم دون 19 عاماً. نواجه تحديات لن يسترها ضخ الأموال في التعليم والخدمات وسوق العمل...».
وضع صعب، والخطر المدمر الذي يواجه أولادنا وبناتنا قريباً هو البطالة الحقيقية، وليس البطالة المقنّعة، القطاع العام متهالك ويستحيل أن يستوعب القادمين لسوق العمل، والقطاع الخاص في حقيقته ليس مستقلاً وإنما هو تابع أبدي لإنفاق الدولة، ولا يمكن فرض تكويت العمالة على أصحابه، فهذا القطاع لن يتقبل أيدي عاملة كويتية بتكلفة عالية مقابل العمالة الأجنبية الأرخص تكلفة والأكثر مهنية... وإذا قبل، فهذا سيكون بنسبة محدودة ويبقى هناك مئات الآلاف من الخريجين في تخصصات مدرسية سهلة، مثل الشريعة والحقوق وكليات أدبية من مخرجات جامعات عربية وأجنبية هزيلة لا يمكن لمن ينتهي منها منافسة العامل الأجنبي.
هل هناك حلول للأزمة القادمة؟ وهل ستتخلى السلطة عن سياسة «الريع» الاقتصادية التي دمّرت الكثير عند الإنسان الكويتي لسنوات طويلة ومن أيام التثمين؟ أم ستقول «الهون أبرك ما يكون»، ولنكمل بقية العمر في إجازة الاقتصاد والسياسة.