في وقت لا يزال الهجوم الإسرائيلي على مخيم السلام الكويتي للنازحين في رفح يلقي بظلال قاتمة على احتمال تدهور الأوضاع الإنسانية بالمنطقة الفلسطينية المحاصرة، ووسط تدني فرص إنعاش مفاوضات الهدنة بين إسرائيل وحركة حماس، أكد مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنغبي، أن حرب غزة ستستمر 7 أشهر أخرى على الأقل.

وقال هنغفي، في مقابلة مع هيئة البث الإسرائيلية (كان)، أمس، إن العام الحالي «عام حرب»، مضيفاً «من المتوقع أن نخوض سبعة أشهر أخرى من القتال لتعميق إنجازنا وتحقيق ما نطلق عليه (تدمير قدرات حماس السلطوية والعسكرية)».

Ad

وأشار إلى أن قوات الجيش الإسرائيلي سيطرت على 75 في المئة من محور فيلادلفيا، الذي يطلق عليه أيضاً «صلاح الدين»، على طول الحدود بين القطاع الفلسطيني وسيناء المصرية.

وتابع: «يجب علينا إغلاق الحدود بين مصر وغزة، ولا أحد سيتطوع لحراستنا، وسنضطر لأن نحرس بأنفسنا».

ولفت المسؤول الإسرائيلي إلى أن حكومة بنيامين نتنياهو تجتمع مع عائلات المحتجزين في غزة وتتحدث معهم، واصفا ما يعانونه بأنه «كابوس لا يمكن تخيله». وأكد أنه «يوجد 125 شخصا يجب أن يعودوا الى المنازل، نحن نتعامل مع القضية يوميا».

ونفى الاتهامات الموجهة لنتنياهو بأنه يتعمد وقف التقدم نحو إبرام صفقة لهدنة وتبادل محتجزين مع «حماس» لأسباب سياسية.

وجاء حديث هنغبي في وقت يشير سير العمليات العسكرية الإسرائيلية التي بدأت في رفح الحدودية مع مصر مطلع مايو الجاري إلى توجه غير حذر بشكل خاص تجاه خيام النازحين واحتكاك حدودي مع مصر أدى إلى مقتل جندي مصري برصاص قناص إسرائيلي.

وأمس، نقلت صحيفة الأخبار اللبنانية عن مصادر مصرية مطلعة، أن القاهرة حريصة على عدم الانجرار الى التصعيد لعدد من الأسباب، إلا أنها من جهة أخرى نقلت رسائل تهديد إلى تل أبيب أكدت خلالها أن انجرارها للتصعيد سيقود إلى «أضرار كارثية».

دعم وذخائر

في غضون ذلك، جدد البيت الأبيض تمسكه بسياسة دعم الدولة العبرية بعد الضجة الدولية التي أعقبت مقتل 45 وإصابة 250 أغلبهم من المدنيين جراء غارة جوية إسرائيلية على مخيم السلام الكويتي للنازحين بغرب رفح الأحد الماضي.

وأوضح المتحدث باسم الأمن القومي، جون كيربي، في تصريحات، حملت ما يشبه التعريف الأكثر اكتمالاً حتى الآن لما يعده «عملية برية كبيرة» في رفح، يمكن أن تؤدي إلى تغيير في سياسة الولايات المتحدة تجاه إسرائيل، أن تصرفات إسرائيل هناك لم تصل بعد إلى ذلك المستوى، ولم تشكل خرقاً للخطوط الحمر التي وضعها الرئيس الأميركي جو بايدن.

وقال كيربي: «لم نرهم يقتحمون رفح، ولم نرهم يدخلون بوحدات كبيرة وأعداد كبيرة من القوات في أرتال وتشكيلات في شكل مناورة منسقة ضد أهداف متعددة على الأرض. هذه هي العملية البرية الكبيرة. لم نرَ ذلك».

وأشار إلى أن إسرائيل تحقق في الفاجعة المروعة، مشددا على أنه لا ينبغي أن تفقد أرواح بريئة نتيجة الصراع.

وأتى الاحتواء الأميركي الرسمي، في وقت كشفت شبكة «سي إن إن» أنه «تم استخدام ذخائر صنعت في الولايات المتحدة»، في الغارة الإسرائيلية على مخيم الكويت.

وأوضحت أن «4 خبراء في الأسلحة المتفجرة حددوا (ذيل قنبلة أميركية الصنع من طراز GBU-39) في مقاطع الفيديو الخاصة بالضربة».

من جانب آخر، أعلنت «البنتاغون» أن الجيش الأميركي أوقف تسليم المساعدات إلى غزة عن طريق البحر، بعد أن تضرر رصيفه المؤقت بسبب سوء الأحوال الجوية عقب أسبوعين من تشغيله لأول مرة.

وأوضح أن الرصيف والسفن التابعة له، والذي كلف تركيبه 320 مليون دولار سيسحب إلى إسرائيل لإصلاحه قبل إعادة تشغيله مرة أخرى بعد أن تضرر بسبب الأمواج العاتية.

غموض وإدانات

في المقابل، دعا مندوب الجزائر لدى الأمم المتحدة عمار بن جامع أعضاء مجلس الأمن لتحمل المسؤولية تجاه إسرائيل «التي اختارت الرد على محكمة العدل الدولية بسفك الدماء» بعد أن أمرت أكبر هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة بوقف العملية العسكرية في رفح والعمل على تشغيل معبرها لإدخال المساعدات الإنسانية.

وتساءل مستنكرا، بعد أن طرحت بلده قرارا في مجلس الأمن للتصويت عليه من أجل وقف العمليات العسكرية في رفح: «أخبرونا إذا كان الآباء المؤسسون للأمم المتحدة قد أعطوا استثناء للاحتلال الإسرائيلي لاختيار ما إذا كان الاحتلال سيقبل أحكام المحكمة أم لا؟».

وتوالت ردود الفعل الدولية المنددة بانتهاكات إسرائيل، إذ أعربت قطر عن إدانتها واستنكارها الشديدين لمواصلة جيش الاحتلال استهداف خيام النازحين في رفح، معتبرة ذلك تحديا سافرا للقوانين والأعراف الدولية وتقويضا لمسار المفاوضات غير المباشرة التي تتوسط بها بين «حماس» وإسرائيل.

وفي حين، دعت ألمانيا إسرائيل إلى احترام القانون الدولي، بحث وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، مع أعضاء اللجنة الوزارية المشتركة بشأن غزة، ووزير الخارجية الإسباني، التطورات الخطيرة للأوضاع في غزة ومحيطها، والجهود الدولية المبذولة بشأنها، كما جرت مناقشة مسألة تكثيف الحشد الدولي للاعتراف بدولة فلسطين المستقلة على حدود 1967م، وعاصمتها القدس الشرقية.

وفي أنقرة، انتقد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان صمت المجتمع الدولي إزاء ما يحدث في القطاع الفلسطيني، وقال إن «العالم يتابع بشكل مباشر وحشية مصاص الدماء نتنياهو».

ورأى أن «إسرائيل قتلت الإنسانية وروح الأمم المتحدة في غزة، وأوروبا قتلت قيمها وداست على كل المبادئ التي كانت سببا لوجودها»، معتبرا أن الولايات المتحدة ودولا أوروبية أصبحت شريكة في مص الدم بالتزامها الصمت.

ميدانياً، أقر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، مقتل 3 من جنوده وإصابة 6 ضباط وجنود بينهم 3 بجراح خطيرة، في كمين تعرضت له قوة إسرائيلية في رفح، في حين أعلنت السلطات الصحية بغزة أن عدد الفلسطينيين الذين قتلوا منذ اندلاع الحرب ارتفع إلى 36171.

وجاء ذلك في وقت نشرت حركة «الجهاد» تسجيلاً مصوراً دعائياً قصيراً للمحتجز ألكسندر ساشا تروفانوف يعرف فيه عن نفسه، ويقول إنه سيتحدث في الأيام المقبلة عما حدث له وللرهائن الآخرين في غزة.