أكد وزير الخارجية عبدالله اليحيا أن من مرتكزات الخطة الوطنية لدولة الكويت نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، تطوير البنية التحتية ورأس المال البشري الإبداعي، كاشفاً أن الكويت أفردت خططاً وبرامج وطنية في تنمية الموارد البشرية وتوطين التكنولوجيا دعماً لاقتصاد أكثر استدامة، لتحقيق رؤيتها الإستراتيجية المتمثلة في «كويت جديدة».

وقال اليحيا، في كلمته خلال أعمال الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني- العربي في بكين أمس، والذي ترأس فيه وفد الكويت، أن هناك تعاوناً بناءً مع الصين في مسائل عديدة، أبرزها التنمية المستدامة والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، وسبل التصدي لظاهرة التغير المناخي، إلى جانب مسائل الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب والتطرف وحرية الملاحة وفقاً للقانون الدولي وضمان الأمن الغذائي والمائي.

Ad

وأعلن اليحيا استضافة دولة الكويت للقمة العربية- الصينية الثالثة المقرر عقدها عام 2030، معرباً عن حرص البلاد على الدفع بمسيرة التعاون العربي - الصيني إلى آفاق أرحب وأكثر شمولية.

وأكد أن القضية الفلسطينية تأتي على رأس التحديات التي تواجه المنطقة حيث «لا تزال جرحاً نازفاً في قلوب كل الشعوب العربية»، مشدداً على إدانة دولة الكويت للعملية العسكرية لقوات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة رفح، وما نتج عنها من كارثة إنسانية غير مسبوقة وانتهاكات صارخة لقواعد القانون الدولي الإنساني.

وخلال وجوده في بكين، أجرى الوزير اليحيا زيارة إلى مقر شركة بناء الاتصالات الصينية (سي سي سي سي)، التقى خلالها نائب رئيس مجلس الإدارة صن لي تشيانغ.

وعقد الجانبان خلال الزيارة مباحثات معمقة تركزت على أهمية توثيق العلاقات الفنية والإنشائية والاقتصادية المتعلقة بمجالات تنفيذ المشاريع التنموية الضخمة في الكويت، وتقديم المقترحات والتصورات المنشودة التي من شأنها تحقيق طموحات القيادة السياسية العليا للمضي قدماً في إرساء قواعد الخطة المستقبلية لتنفيذ المشاريع الاستراتيجية المشتركة، وخصوصاً مشروع ميناء مبارك الكبير.

كما قام وزير الخارجية بجولة تعريفية للاطلاع على سجل مشاريع الشركة في قطاعات التكنولوجيا والبنية التحتية في الأسواق العالمية.

وفي تفاصيل الخبر:

اقترح الرئيس الصيني شي جينبينغ، أمس، في افتتاح الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني - العربي، في بكين، بحضور عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والرئيس التونسي قيس سعيد، ورئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد، «5 معادلات للتعاون» بين الصين والدول العربية، مجدداً دعم بلاده لعقد مؤتمر دولي للسلام بالشرق الأوسط.

وبحضور وزير الخارجية عبدالله اليحيا، الذي ترأس وفد الكويت في الاجتماع، ألقى شي خطابه في دار ضيافة الدولة، حدد فيه «المعادلات الخمس» لمجالات التعاون بين الصين والدول العربية، وهي أولا: المعادلة «الأكثر حيوية» للتعاون المدفوع بالابتكار، وتشمل بناء 10 مختبرات مشتركة في مجالات تشمل الذكاء الاصطناعي والحوكمة العالمية والتنمية الخضراء والمنخفضة الكربون.

وتشمل المعادلة الثانية «الأكبر حجماً» للتعاون الاستثماري والمالي إنشاء منتدى التعاون القطاعي والاستثماري، وزيادة عضوية رابطة المصارف المشتركة، وتسريع القروض لدفع العملية الصناعية في الشرق الأوسط ودعم الدول العربية لإصدار «سندات الباندا» بالصين.

أما المعادلة الثالثة «الأكثر تكاملاً» للتعاون فهي مجال الطاقة، إذ ستواصل الصين تعزيز التعاون الاستراتيجي مع الجانب العربي في مجال النفط والغاز، لربط أمن التموين بأمن السوق والبحث والتطوير لتقنيات الطاقة الجديدة وإنتاج المعدات المعنية لها، مبينا أن الجانب الصيني سيدعم شركات الطاقة والمؤسسات المالية للمشاركة في مشاريع الدول العربية للطاقة المتجددة التي تتجاوز إجمالي قدرتها المركبة 3000 ميغاوات.

والمعادلة الرابعة «الأكثر توازنا» مرتبطة بالتعاون الاقتصادي والتجاري المتبادل المنفعة، حيث أشار شي إلى مواصلة العمل بنشاط على تنفيذ مشاريع التعاون الإنمائي وتسريع وتيرة المفاوضات مع الجانب العربي حول اتفاقيات التجارة الحرة الثنائية والإقليمية، وتعزيز بناء آلية الحوار للتعاون في التجارة الإلكترونية.

وقال شي إن المعادلة الخامسة ترتبط بتعزيز التواصل الثقافي والشعبي، من خلال عدة مبادرات، لافتا إلى أن الصين تبذل جهودا مع الجانب العربي للوصول بالعدد الإجمالي للسياح المتوجهين إلى الطرف الآخر في غضون السنوات الخمس المقبلة إلى 10 ملايين سائح.

علاقات وقضايا

وذكر شي، في الافتتاح الذي شاركه فيه أمين الجامعة العربية أحمد أبوالغيط، ووزير الخارجية عبدالله اليحيا، و22 رئيسا لوفود الدول العربية، بينهم وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، «كل مرة ألتقي فيها بأصدقائنا العرب، أشعر بإحساس عميق بالألفة، والصداقة بين الصين وشعبها والدول والشعوب العربية، تنبع من التبادلات الودية على طول طريق الحرير القديم».

وأعرب شي عن استعداد بكين لبناء علاقات عربية «تكون أساساً للحفاظ على السلام والاستقرار العالميين»، إضافة إلى تعميق التعاون، مؤكدا حرصه على «التضامن والتآزر مع الجانب العربي لبناء علاقات يحتذى بها لصيانة السلام والاستقرار في العالم».

وبشأن «القضايا الساخنة»، التي تصدّرتها الحرب الإسرائيلية على غزة، أعرب شي عن استعداده للعمل مع الجانب العربي على «إيجاد حلول تسهم في الحفاظ على الإنصاف والعدالة وتحقيق الأمن والأمان الدائمين، على أساس احترام مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة واحترام الخيارات المستقلة لشعوب العالم واحترام الواقع الموضوعي الذي تم تشكيله في التاريخ».

ودعا الرئيس الصيني إلى «عقد مؤتمر سلام دولي أوسع نطاقاً وأكثر موثوقية وفعالية» لحل النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين، مشدداً على أن «الشرق الأوسط أرض تتمتع بآفاق واسعة للتنمية، ولا ينبغي للعدالة أن تغيب عنها إلى الأبد».

وأعلن شي تبرعه بـ 3 ملايين دولار لوكالة أونروا، لدعم تقديم المساعدات الإنسانية الملحة لغزة، إضافة إلى 500 مليون يوان إضافية للمساعدة في تخفيف وطأة الأزمة الإنسانية في القطاع ودعم إعادة الإعمار.

كويت جديدة

وفي كلمة الكويت بالدورة العاشرة لمنتدى التعاون الصيني العربي، أثنى وزير الخارجية عبدالله اليحيا على مسيرة التعاون العربي الصيني ومستوى العلاقات الاستراتيجية التي أضحت مثالا يحتذى في ظل ما تحقق من زخم ونجاحات على كل المستويات والصُّعد، معلناً استضافة الكويت للقمة العربية الصينية الثالثة في 2030، وحرصها على الدفع بمسيرة التعاون العربي - الصيني إلى آفاق أرحب وأكثر شمولية.

وأشاد اليحيا بمرور 20 عاماً على بداية إطار التعاون العربي الصيني، مما يؤكد استمرار تطابق وجهات النظر في المحافل الإقليمية والدولية، بما في ذلك قضايا المنطقة العربية.

كما أشار إلى التحديات التي تواجه المنطقة وعلى رأسها القضية الفلسطينية «والتي لا تزال جرحا نازفا في قلوب كل الشعوب العربية».

وجدد في هذا السياق إدانة الكويت للعملية العسكرية التي تشرع بها قوات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة رفح، وما نتج عنها من كارثة إنسانية غير مسبوقة وانتهاكات صارخة لقواعد القانون الدولي الإنساني، محذرا من توسيع رقعة الصراع، وأهمية الوقف الفوري للعمليات العسكرية، وسرعة إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى القطاع.

وأكد ضرورة ضمان استدامة تمويل وكالة أونروا، ودعم دولة فلسطين للحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، بناء على قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، مشيدا في ذات الصدد بموقف الصين الداعم لطلب دولة فلسطين بالحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

وفي ختام كلمته، تطرّق وزير الخارجية إلى مرتكزات الخطة الوطنية لدولة الكويت نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة في تطوير البنية التحتية ورأس مال بشري إبداعي، لافتا إلى أن الكويت أفردت خططا وبرامج وطنية في تنمية الموارد البشرية وتوطين التكنولوجيا، دعما لاقتصاد أكثر استدامة، وذلك لتحقيق رؤيتها الإستراتيجية المتمثلة بـ «كويت جديدة».

وأشار إلى التعاون البناء في عدد من المسائل ذات الاهتمام المشترك، مثل التنمية المستدامة والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني وبحث سبل التصدي لظاهرة التغير المناخي، إضافة إلى مسائل الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب والتطرف وحرية الملاحة وفقا للقانون الدولي وضمان الأمن الغذائي والمائي.

غزة ورفح

بدوره، شدد الرئيس المصري على دعوة المجتمع الدولي إلى ضمان عدم تهجير الفلسطينيين «قسراً» من غزة.

من جانبه، حذّر الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد، الذي يزور بكين لأول مرة منذ توليه رئاسة الدولة، من أن منطقة الشرق الأوسط تشهد توتراً كبيراً مع استمرار الحرب على غزة، مؤكداً أهمية تكاتف الجهود الدولية لمواجهة التحديات، والعمل على وقف إطلاق النار وتوفير الحماية لسكان القطاع وتأمين تدفق المساعدات الإنسانية.

بدوره، جدد ملك البحرين تأكيد تبنّي القمة العربية التي انعقدت قبل أسابيع لمقترحه لعقد مؤتمر دولي لللسام تستضيفه البحرين، داعيا الى سرعة عقد المؤتمر.

الوثائق الختامية

إلى ذلك، اعتمد الاجتماع «إعلان بكين» وخطة تنفيذ المنتدى 2024 - 2026، وبيانا مشتركا بين الصين والدول العربية بشأن القضية الفلسطينية. كما وقّعت الصين عددا من وثائق التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف مع الدول المشاركة والأمانة العامة لجامعة الدول العربية.

ويعرب البيان المشترك عن القلق العميق لدى الصين والدول العربية إزاء الصراع الذي طال أمده في غزة، والذي أدى إلى أزمة إنسانية. ويؤكد الموقف الثابت والإجماع المهم للجانبين في الدعوة إلى وقف إطلاق النار في غزة، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية، ومعارضة التهجير القسري للشعب الفلسطيني، ودعم عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة، والعمل بثبات من أجل التوصل إلى تسوية مبكرة للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين.