غداة سيطرة الجيش الإسرائيلي على محور «فيلادلفيا ـ صلاح الدين» الاستراتيجي، الذي يقع على طول الحدود بين غزة وسيناء، اقترح مسؤولون إسرائيليون إنشاء «لواء إقليمي فيلادلفيا» لاحتلال وإدارة المنطقة الاستراتيجية، بهدف خنق «حماس» وإحراج مصر، لحملها على ممارسة ضغوط على الحركة الفلسطينية، بهدف تليين موقفها بمفاوضات تبادل المحتجزين المتعثرة.

ونقلت موقع «واينت» العبري، أمس، عن مصادر مطلعة أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تتمسك بأهمية الاستيلاء على المحور الذي خضع لهيمنة مصرية أمنها ملحق اتفاقية كامب ديفيد للسلام، والعمل على إنشاء قوة دائمة لاحتلاله وإدارته، بهدف قطع الطريق على استمرار تدفق إمدادات السلاح للحركات الفلسطينية التي ستكدسها وتنقلها إلى الضفة الغربية المحتلة عبر أنفاق تمتد من غزة.

Ad

ويشير الاقتراح إلى إعلان حكومة بنيامين نتنياهو عن إنشاء «اللواء الإقليمي فيلادلفيا»، الذي سيحتل المحور بعد هدم منازل يشتبه بمرور أنفاق تحتها بطول كيلومتر واحد، ويدمرها.

وبحسب المصادر فإن مجرد الإعلان عن ذلك سيشكل ضغطاً على «حماس»، وسيكون رافعة للضغط وورقة مهمة في صفقة الرهائن، إذ تتوقع الأوساط الأمنية العبرية أن تدفع الخطوة القاهرة إلى «التصرف بطريقة أكثر فعالية، على سبيل المثال في إنشاء حاجز تحت الأرض وحاجز عسكري مشترك» لمنع التهريب.

تمسك وتهديد

وجاء التسريب في وقت جددت مصادر بالحركة الإسلامية، تمسك الفصائل الفلسطينية، بقرارها الذي وصل إلى الوسطاء بالمفاوضات غير المباشرة، الذي يتضمن عدم إطلاق سراح أي من المحتجزين الإسرائيليين، سواء أكانوا من المدنيين أم العسكريين أو إجراء أي عملية تبادل قبل الوقف التام لإطلاق النار، على عكس الموقف الذي أبدته في الوثيقة السابقة التي سبقت اجتياح رفح الذي بدأ في السابع من مايو.

على الجانب الآخر من الحدود، نقلت «وول ستريت جورنال» عن مسؤولين مصريين تحذيرهم من أنه إذا فشلت «استراتيجية الاحتواء» التي تنتهجها القاهرة لمنع توسع وامتداد حرب غزة واضطراباتها إقليمياً، فإن الحكومة المصرية ستجمد العلاقات مع إسرائيل بالكامل.

وأكد المسؤولون المصريون أنه منذ أن بدأت الدولة العبرية بنشر قوات على طول الحدود الجنوبية لغزة حذرت القاهرة إسرائيل من أنها لن تتردد في الرد عسكرياً إذا تعرض أمنها للتهديد.

أمس الأول، زعم الجيش الإسرائيلي أنه اكتشف أكثر من 20 نفقا تستخدمها «حماس» في التهريب من سيناء، وقال إن بعضها كان معروفا له وبعضها الآخر لم يكن معروفاً.

تصدٍّ وغضب

وفي وقت واصل الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية بشمال ووسط وجنوب القطاع مخلفا 53 قتيلا و357 إصابة، خلال الـ24 ساعة الماضية، تصدت الولايات المتحدة لمشروع قرار تقدمت به الجزائر لمجلس الأمن للمطالبة بإصدار قرار يلزم سلطات الاحتلال بأن توقف فوراً هجومها العسكري، وأي عمل آخر في رفح المتاخمة للحدود المصرية.

وقبل ساعات من التصويت على المقترح الجزائري، اعتبر روبرت وود، نائب السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، أن أي مشروع قرار جديد لمجلس الأمن الدولي بشأن الحرب في غزة «قد لا يكون مفيداً».

وقال وود: «لا نعتقد أن قرارا جديدا سيغير الوضع ميدانيا»، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة التي لا تتردد في استخدام حق النقض في المجلس لحماية حليفتها إسرائيل. ولفت إلى أن واشنطن تؤيد دائما المفاوضات للتوصل إلى هدنة.

وفي واشنطن، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، جون كيربي، إن النص الجزائري «غير متوازن»، ولا يشير إلى أن «حماس هي المسؤولة عن هذا النزاع»، معتبراً أن رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» بغزة يحيى السنوار، «قادر على وضع حد للحرب» بقبول اتفاق هدنة.

ويطالب مشروع القرار «بوقف فوري لإطلاق النار تحترمه جميع الأطراف، ويطالب أيضا بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن، ويطالب كذلك الأطراف بالامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي فيما يتعلق بجميع الأشخاص الذين يحتجزونهم».

في سياق قريب، أبدى نحو 50 خبيراً أممياً في مجال حقوق الإنسان غضبهم إزاء الغارات الجوية الإسرائيلية على مخيم السلام الكويتي للنازحين برفح، فيما أكدت الأمم المتحدة أن كمية المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى غزة انخفضت بمقدار الثلثين منذ أن بدأت إسرائيل عمليتها العسكرية في رفح بجنوب القطاع هذا الشهر.

تعقيد وانسحاب

من جهة أخرى، طرح الوزير بحكومة الحرب المصغرة، بيني غانتس، مشروع قرار لحل البرلمان الإسرائيلي «الكنيست»، فيما أفادت تقارير عبرية بأن الوزير يستعد للانسحاب من الحكومة المصغرة في غضون أيام قليلة بعد منحها نتنياهو مهلة حتى 6 يونيو، لتلبية حزمة مطالب في مقدمتها وضع أهداف استراتيجية واضحة لاستمرار القتال بغزة، ووضع تصور واضح لإدارة القطاع بعد الحرب وابرام صفقة لإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين بالقطاع وإعادة سكان المستوطنات الشمالية التي هجرت بسبب تبادل الضربات مع «حزب الله» اللبناني.

وأرجع عضو بحزب غانتس احتمال إقدام الأخير على تنفيذ خطوته بالانسحاب إلى عدم قدرته على التأثير في قرارات الحكومة.

وأتى ذلك في وقت تعقدت جهود المعارضة الإسرائيلية التي دشن زعيمها، يائير لابيد، أمس الأول، خطة لاستبادل نتنياهو، بعد أن أظهر استطلاع للرأي أجرته القناة الـ12 العبرية تراجعا كبيرا في قوة معسكر غانتس وتفوق نتنياهو من حيث الشخصية الأنسب لرئاسة الحكومة لأول مرة منذ هجوم «طوفان الأقصى» الذي شنته «حماس» في السابع من أكتوبر الماضي.

دهس الضفة

ومع استمرار تدهور الأوضاع الأمنية بالضفة الغربية المحتلة التي دعا وزير المالية الإسرائيلي المتطرف سموتريتش إلى تحويلها لغزة جديدة، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل جنديين بصفوفه في عملية دهس قرب نابلس ليل الأربعاء ـ الخميس.

وبينما أفادت تقارير بأن منفذ عملية الدهس تمكن من الفرار وسلم نفسه للسلطة الفلسطينية برام الله، قصفت طائرة مسيّرة إسرائيلية موقعاً بمخيم بلاطة شرق نابلس.

وشنّت سلطات الاحتلال موجة اقتحامات عنيفة للمناطق الفلسطينية بعموم الضفة، ما تسببت في إصابة 6 بالرصاص الحي في جنين، فيما يسود ترقب لمسيرة الأعلام الإسرائيلية السنوية التي ستمر بالمناطق العربية في القدس الشرقية الأسبوع المقبل.