اهتم أهل الكويت والخليج قديماً وحديثاً، باقتناء «السبحة» أو «المسابيح»، التي تأخذ أشكالاً جمالية عدة، من خلال طريقة صناعتها، وحتى استخدامها.

والسبحة أو المسبحة، عبارة عن مجموعة من الخرزات المثقوبة، تُجمّع في خيط، وفي بعض الأحيان يتم صناعة هذه الخرزات من المعدن، أو الخشب، أو الأحجار الكريمة مثل: الكهرب، والفيروز، والعقيق، وغيرها. وحفل التراث الكويتي والخليجي بمواضيع شتى تتعلق بالسبح أو المسابيح، ومدى ارتباط الكويتي أو الخليجي بها في حلّه وترحاله، فقد كانت تستخدم للتقرب إلى الله عن طريق التسبيح، كما استخدمها البعض للزينة والتفاخر، ولقد فُتن الكثير من الأجداد والآباء بهذه المسابيح، لدرجة أن بعضهم قد يصعب عليه الخروج من المنزل والمكوث بين الأصدقاء إلا وفي يده مسبحة، سواء كانت غالية الثمن أو رخيصة، كل حسب مقدرته المادية.
«الجريدة» التقت أحد هواة جمع المسابيح، عضو جمعية الحرف الكويتية القديمة، يوسف القلاف للحديث عن هذه الهواية والمواد المصنوعة منها.

في البداية، أكد القلاف أن هناك إقبالاً كبيراً على اقتناء المسابيح من الجميع، وعلى اختلاف أعمارهم، سواء من الرجال أو النساء، لكونها من الكماليات، بجانب استخدامها لأغراض الذِّكر والتسبيح، والبعض يقتنيها بهدف أن تكون لديه مجموعة من المسابيح، فهي جزء من تراثنا وعاداتنا وتقاليدنا، وعلى وجه الخصوص في دول الخليج العربي. وقال إن أنواع المسابيح التي يمتلكها هي الكهرب البولندي والأوكراني، والفاتوران، والعاج، واليُسر المطعّم، واللؤلؤ، والفيروز، والعقيق، وفضة، خشب الزيتون، وخشب الأرز، والباكالايت الألماني والبلجيكي، وكاست أميركي، ومسباح بخور كمبودي، ومستكة ألماني وتركي، وأنواع أخرى، مؤكداً أن الأغلبية يفضلون المسابيح ذات الأحجار الطبيعية والنادرة. وذكر أنه يستخدم في شك «كراكيش المسابيح» الخيوط اليابانية، والأميركية، والكورية والصينية، مبينا أن صناعة «الكراكيش»، صعبة، لأنها تتطلب الوقت الكثير والجهد، لاستخراج تاج فني يليق بشكل التحفة الفنية (المسباح). صناعة الكراكيش
Ad


وذكر أنه قدّم في العام الماضي ورشة عمل بعنوان «شكّ المسابيح» بمكتبة القادسية، بالتعاون مع جمعية الحرف الكويتية القديمة ضمن فعاليات مهرجان «صيفي ثقافي 15»، الذي ينظمه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، واستمرت 3 أيام، موضحا أن الذين حضروا هذه الورشة استفادوا كثيرا من التطبيق العملي، ومن خلال الورشة تم الحديث عن الكثير من المعلومات التي تتعلق بالمسابيح وتاريخها وأهميتها كتراث عربي وخليجي عريق.
وأضاف القلاف أن هناك العديد من الأساليب في صناعة «الكراكيش» قديما وحديثا، منها «المبرومة، والمروبعة، والسداسية، وأشكال أخرى مثل الفنر، والمبخر، والمرش، والباورة، وشعارات مختلفة وأسماء الأشخاص حسب الطلب».

وحول بدايته مع هذه الهواية والحرفة يقول القلاف: «بدأت منذ الصغر متابعة الحرفيين في هذا المجال في سوق البشوت بسوق المباركية، وتتطلب هذه الحرفة مهارة كبيرة وصبرا، لكنها تأتي بنتائج رائعة»، وتطرّق القلاف إلى أنه شارك في العديد من المعارض الدولية ومنها اسبانيا، وإيطاليا وكوريا وجميع دول الخليج العربي، إضافة إلى معرض كتارا «الكهرمان»، ومعارض بالجزائر، ومصر، وتركيا، وإيران، والمغرب، وأيضا شارك في معارض أقيمت في وزارات الدولة في الكويت.

دعم مستمر

وعن كيفية المحافظة على هذه الحرفة، يجيب القلاف: «يمكننا المحافظة على هذه الحرفة من خلال تدريب الأجيال القادمة، وطباعة كتب أو نشرات للتعريف بهذه الحرفة، وكذلك الدعم المستمر بشراء السلع التي يبدع في إنتاجها الحرفيون الكويتيون»، وأشار إلى وجود محال كثيرة لبيع المسابيح في سوق المباركية وسوق الذهب والمجمعات الراقية، لأن المسباح كان ولا يزال يتزين به الكبار والشباب في المناسبات المختلفة.