نقطة: جنة النواب منازلهم

نشر في 31-05-2024
آخر تحديث 30-05-2024 | 20:13
 فهد البسام

لا أحد هنا يكره الديموقراطية، لكن الديموقراطية ثقافة وسلوك اجتماعي وليست مجرد صندوق انتخابات فقط، وحتى هذا الصندوق ملعوب فيه تاريخياً، سواء بتدخلات بعض أبناء الأسرة، أو من خلال فسح المجال الاجتماعي المبني على الدعم الحكومي للتيارات الدينية على حساب البقية، وإن كانت السلطة محل اتهام دائم بعدم الإيمان «بالديموقراطية» إن وجدت، فمثل هذه الانتخابات الناتجة عن إفساد الممارسة أنتجت لنا خلال السنوات الماضية نواباً أسوأ من السلطة في عدم إيمانهم بها قولاً وعملاً، وإن تلحفوا بشعارات ومبادئ مبتذلة تُسمع ولا تُرى إلا عند محاسبة البعيد والمختلف.

لذا فقبل أن يتحسر البعض على الديموقراطية عليه أن يتساءل: هل كانت لدينا ديموقراطية في المقام الأول؟!

فمن النواب أنفسهم من كان لا يخفي رغبته باستخدام السلم للصعود ثم كسره، أو حلمه بتخريب العملية برمتها من الداخل، وهذا ما نجحوا به للأسف حتى الآن كما يبدو، سواء بتشريعات رديئة وتنفيعية أو اصطفافات ما كان يتوجب عليهم أن ينخرطوا بها كممثلين للشعب لا بيادق متحركة في صراعات أسرة الحكم، والتي كان يفترض بهم أن ينأوا بأنفسهم عنها، حرصاً على كرامتهم الشخصية أولاً، ثم لرمزية المؤسسة التي يمثلون الشعب باسمها.

من يهن يسهل الهوان عليه، وعندما استهتر النواب في ممارستهم والتزامهم بالقيم والمبادئ الدستورية والأخلاقية المفترضة بهم هانت المسألة على الجميع، فهم من شوهوا الصورة كاملة في وجدان الشعب قبل غيرهم ولا يلام أحد قبلهم لما آلت إليه الأمور اليوم، كما لا يمكن مقارنة ما يجري اليوم بما جرى في 76 أو 86 بدعوى المبدأ الواحد، فتغير الأشخاص واختلاف مصداقيتهم وجديتهم ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالمبادئ المراد الدفاع عنها، ولا أستبعد أن يكون من أسباب صمت أغلبهم اليوم يقينهم بما ارتكبوا هم أو زملاؤهم من تجاوزات وتناقضات سياسية ومبدئية تميزت بالخفة وعدم تقدير حجم المسؤولية وصعوبة الموقف، وكانوا فقط بانتظار ما يخلصهم من تحالفاتهم المشبوهة من دون تحمل كلفة قصف الاتهامات والتخوين كما جرى لعبيد الوسمي في مرحلة سابقة، لهذا فالأولى اليوم من المحاسبة السياسية محاسبة الذات بل وربما جلدها كي لا نعيد اختراع العجلة إلى ما لا نهاية.

back to top