عدا التعليم، تسير وتيرة الإصلاح في قطاعات عدة بأسرع مما نتوقع، تنفيذاً لتوجيهات سمو الأمير، كوقف هدر المال العام، وأحد أشكاله إلغاء مؤسسات حكومية غير فاعلة كجهاز الأمن الوطني والمختارين، ليتوقف إشغال مباني الدولة وتبديد المصاريف والرواتب، وعلى هذا المنوال طالبنا الحكومات السابقة، ونذّكر الحالية، لإلغاء هيئة كنّا قد أسسنا نواتها وطرحنا فكرتها قبل عشرين عاماً، فانحرفت، وأكدنا ذلك بمقال «إلغاء هيئة القرآن والسنة... رأفة بالمال العام» في أكتوبر 2021.

لقد كتبنا آنذاك ببعض التفصيل، ونختصره حين نشرنا مقالاً في يونيو 2004 «مصحف المارينا محرّف والأوقاف نايمة»، بعد عثورنا على مصحف لا يحتوي على سورة الحمد وبدايات «البقرة»، فعقبت «الأوقاف» ورددنا بكشف مثالبها، فأقرّت وأصدرت التعميمات وأحالت مقترحاتنا للمختصين، ثم دُعينا للجنة فحص المصاحف، فاقترحنا عليهم طباعة المصحف كالسعودية، فقدموا لنا مقترحاً مبدئياً طلبنا تعديله، وأضفنا إليه دراسة فنية ومالية وتصميماً معمارياً، وبارك الفكرة مشايخ أفاضل، فحشدنا لها التمويل من شركات استثمارية زميلة لطباعة فاخرة بلبنان، وقدمناها للأمير وولي العهد ورئيس الوزراء، فحظينا بموافقة الدولة لإنشاء «مركز الكويت للقرآن الكريم وعلومه»، في وقت احتدم صراع الحكومة والمعارضة الفاسدة بالمجلس، فتعطل المرسوم ثلاث سنوات، ثم صدر برقم 269/2010 وبإدارة مجلس أمناء، وعمل الجميع لنحو عام بالدراسات والتصاميم النهائية ومحاولة تخصيص الأرض، فكان إنجازاً منقطع النظير.

Ad

وفي تلك الأثناء كان حزب السلف يخطط للاستيلاء على المركز لعدم دخول ممثليهم بالمجلس، ومن خلال تكتلهم الحزبي والقبلي بالبرلمان أقروا قانون هيئة القرآن والسنّة ليتحقق هدفهم الرئيسي للاستيلاء، بالمادة التاسعة: «يؤول مركز الكويت للقرآن الكريم وعلومه للهيئة»، فسيطروا بتعيينات حزبية وقبلية وأقارب النواب، فوُئِد المشروع تحت عباءة الأحزاب الدينية السياسية وهُدر المال العام، فحتى الآن، وبعد مرور 14 عاماً، لم تنشأ مطبعة ولم يُطبع مصحف واحد، أما ما طبع بالخارج فكان أوله بخطأ شنيع وضع فيه أسماء أعضاء مجلس إدارة الهيئة في نهاية المصحف، وهو انتهاك وتحريف سافر لمضمونه ينكره العلماء ويجب إزالته، فلا يجوز أن يكون بين دفّتي المصحف سوى كلام الله.

إنها رسالة لرئيس الوزراء لوقف أي ميزاية مرصودة للهيئة، كالأربعة عشر مليوناً التي زعم مديرها منذ أربعة أعوام أنها مطلوبة لبناء المطبعة، والتي قد تضيع بدهاليز الأحزاب، فكما تم إلغاء مؤسسات الأسبوع الماضي، فلا داعي لهيئة تستنزف المال العام، ونكتفي بإدارة للقرآن في وزارة الأوقاف تقوم بمهامها، أي إلغاء هيئة القرآن والسنّة.

***

لما صارت أحلام المواطنين تتحقق، وجدناها فرصة لنذكّر الحكومة بحلم آخر كتبناه في أكتوبر الماضي بعنوان: «شوارع محمد مساعد الصالح» في ذكرى وفاته كصحافي رائد بكاريزما ساخرة في زاويته «الله بالخير»، حيث تعمدنا آنذاك انتظار أي مناسبة تخصه لنعيد طرح قضية أسماء الشوارع لتطابق آرائنا معه، حين قال في مقاله «سلامتها أم حسن»، عبارة «أنه لا معايير موضوعية لديها، فهي تطلق أسماء أشخاص عاديين على الشوارع لمجرّد أنهم ماتوا!» وذكر نفس الشيء بالنسبة لأسماء المدارس، وأن إحداها سميت على تاجر خمور، ونعقّب على الصالح، بأن الأسماء ليست للموتى فقط، بل لمن عندهم واسطة، وأن طريقاً رئيسياً سمّي على واحد «زين يصحى».

كما أشرنا في مقالنا لارتكاب خطيئة حذف أسماء أعظم غزوات الإسلام من شوارع استبدلت أسماؤها بأشخاص لمجرّد مرور الشارع أمام بيتهم أو ديوانهم، أو يكون قريباً لأحد النواب أو لأحد القياديين بالحكومة! أما المضحك فوجود أكثر من اسم في شارع واحد يفصل بينها أكثر من دوّار! وشوارع لا تستطيع تهجئة أسمائها، ووجود شارع اسمه «مازن» فقط في خيطان كشخصية الأطفال الكارتونية، أمير الملاعب!

إن ذلك يجعلنا نطالب مجدداً بتشكيل لجنة تتبع جهة سيادية تعتمد معايير صارمة للتسميات، وتحذف جميع أسماء الأشخاص التي وُضعت في الحقبة السابقة على الشوارع.

***

نبارك لجريدة «الجريدة» اليوم عيد ميلادها السابع عشر.

***

إن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي.