على مدى أسبوع كامل كانت الكويت «بتتكلم صيني» فقد ظهرت الصين في الصحافة الكويتية بصورة مبهرة، فرق ومتخصصون نزلوا على الأرض، ذهبوا إلى الميدان ليقولوا كلمتهم في إنجاز وتنفيذ مشرعات التنمية والبنى التحتية، من ميناء مبارك إلى مدينة المطلاع الجديدة مروراً بجزيرة بوبيان... ها هم الصينيون يرفعون شعارهم، لنصنع نموذجاً للتعاون بيننا، عنوانه المنفعة مشتركة.

حتى الآن ونحن نتابع أعمال منتدى التعاون الصيني العربي في بكين بعد 20 سنة من إطلاقه، يتحدثون بلغة ليس فيها مواربة ولا أجندات مخفية، بل مستوى أعلى من الثقة بين الكويت والصين وسائر البلدان الـ14 التي أقامت معها علاقات الشراكة الاستراتيجية.

Ad

خلال 20 عاماً، وبعد مبادرة الحزام والطريق نفذ الجانبان العربي والصيني ما يزيد على 200 مشروع كبير، وصلت فائدته إلى ملياري نسمة من الجانبين.

العرب صاروا يتكلمون لغة صينية باتت معالمها واضحة... لغة المصالح والعلاقات الاقتصادية في إطار مشروعات تنمية لا لغة الشعارات، علما أنه تم إدراج تعليم اللغة الصينية في منظومة التعليم الوطني بشكل رسمي في كل من الإمارات والسعودية وفلسطين ومصر وتونس وجيبوتي.

في الكويت يتضاعف الإقبال على تعلم اللغة الصينية من خلال معهد أنشئ السنة الماضية لهذا الغرض، واليوم هناك من يسعى إلى تعلم هذه اللغة، حتى الشباب باتوا مهتمين، وقد لمست هذا الاهتمام من فتى لم يبلغ الـ12 سنة بعد من عمره كان جالساً بقربي يوم الحفل الفني الذي أقيم بمركز جابر الثقافي، عندما صار يردد أمام مسامعنا كلمات وجملاً باللغة الصينية.

كلمة السر في علاقات الصين مع البلدان العربية تكمن في «التنمية» وهناك توافق تام بين «رؤية الكويت 2035» ومبادرة الحزام والطريق، فقد تحول منتدى التعاون الصيني– العربي إلى منصة استراتيجية لتعزيز العلاقات الاقتصادية، وهذا يتضح من حجم ونمو الاستثمارات الصينية في الدول العربية والتجارة بينهما بعد أن وصلت العام قبل الماضي إلى نحو 413 مليار دولار.

الصين أنجزت على الأرض كتابة فصول جديدة من أشكال التعاون البناء والمشترك، ومن الحسن إلى الأحسن كما كتب وزير الخارجية الصيني «وانغ بي»، وها نحن الآن نشهد ولادة متجددة لهذا التعاون وفي نسخة صينية– عربية ترسم مجتمعاً قابلاً للحياة والاستمرارية.

المنتدى أصبح منصة جديدة للطرفين لإجراء الحوار والتعاون على أساس المساواة والمنفعة المتبادلة، ومهما قيل بشأن «القوة الناعمة» الصينية، وتصوير البعض من مناصري القوة الأميركية والهيمنة التي تمارسها في المنطقة، أنها تخفي وراءها أهدافاً تندرج تحت «سياسة التوسع» لكنها تبقى في حدود المصلحة المشتركة والأكثر منفعة للجانب العربي من السياسة الأميركية القائمة على الاستحواذ والتفرد بموارد ومستقبل المنطقة وارتهانها لمصالحها بالدرجة الأولى.