في وقت منحت خريطة طريق طرحتها واشنطن بارقة أمل بإمكانية إنهاء حرب غزة، التي تقترب من إتمام شهرها الثامن، ذكر مسؤولون أميركيون وإسرائيليون أن الدولة العبرية عدّلت عملياتها العسكرية في مدينة رفح الحدودية، بعد مناقشات مكثفة مع مسؤولين أميركيين لتجنب تجاوز الخط الأحمر لإدارة الرئيس جو بايدن، وإثارة أزمة حادة في العلاقات مع أقرب حلفائها.

ونقلت «وول ستريت جورنال» عن المسؤولين أن حكومة بنيامين نتنياهو عدلت خطتها الأصلية، التي كانت تستند على شن هجوم بفرقتين في رفح، وهي العملية التي كان البيت الأبيض يخشى أن تؤدي إلى تصعيد غير مقبول في الخسائر بصفوف المدنيين، وبدلاً من ذلك اختارت حملة عسكرية تركز على إغلاق الحدود بين غزة ومصر، والسيطرة على معبر رفح البري، بالإضافة إلى التوغل البري المحدود في المدينة الفلسطينية الحدودية لخنق إمدادات «حماس».

Ad

لكن أحد المسؤولين الإسرائيليين أوضح أن الجيش الإسرائيلي يستعين بـ «اللواء جفعاتي» التابع لـ «الفرقة 162» لتنفيذ المهام الميدانية وتدمير بنية «حماس» العسكرية والبشرية برفح وبالقرب من «محور فيلادلفيا».

قبول ومساندة

في غضون ذلك، أكد كبير مستشاري رئيس الوزراء الإسرائيلي، أوفير فولك، أن تل أبيب قبلت على مضض الاتفاق الإطاري الذي يدفع به الرئيس الأميركي حالياً لإنهاء الحرب، لكنه وصفه بأنه معيب وبحاجة إلى مزيد من العمل.

وفي مقابلة مع «صنداي تايمز» البريطانية، قال فولك إن خريطة بايدن التي تتضمن 3 مراحل هي «صفقة وافقنا عليها - إنها ليست اتفاقاً جيداً، لكننا نريد بشدة إطلاق سراح الرهائن، جميعهم»، مجدداً تمسك بلده بالشروط لإنهاء الحرب، بما في ذلك «الإفراج عن الرهائن وتدمير حماس».

وجاء ذلك في وقت تعهّد الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، بدعم رئيس الوزراء بمواجهة تهديدات وجهها وزيرا الأمن القومي، إيتمار بن غفير، والمالية، بتسلئيل سموتريتش، إلى نتنياهو، بإسقاط الحكومة الائتلافية إذا قبل بالشروع في تنفيذ اتفاق بشأن غزة يتضمن إنهاء الحرب «دون القضاء على حماس».

ووصف وزير الأمن، وهو أيضاً زعيم حزب القوة اليهودية المتطرف الاتفاق بأنه سيكون متهوراً، وسيشكل انتصارا للإرهاب وتهديداً لإسرائيل»، فيما ذكر وزير المالية المتطرف زعيم حزب الصهيونية الدينية أنه «لن يبقى في الحكومة إذا لم يتواصل الهجوم على غزة حتى يتم تدمير حماس وإنقاذ جميع الرهائن». ووسط توقعات بتفجّر الخلافات قبل اجتماع عاصف لحكومة نتنياهو لمناقشة تطورات الحرب والخطة التي نسبها بايدن لإسرائيل، فجّر زعيم حزب إسرائيل بيتنا اليميني الليبرالي، أفيغدور ليبرمان، مفاجأة من العيار الثقيل، بعد أن أكد أن رئيس الوزراء عرض عليه في الأيام الأخيرة منصب وزير الدفاع، والانضمام بحزبه إلى الائتلاف الحاكم ليحل محل الوزير الحالي يوآف غالانت.

في المقابل، صرح القيادي في «حماس» أسامة حمدان بأن نهج بايدن المنعكس في خطابه الأخير المتعلق بحتمية إنهاء الحرب، يشكل تحولاً في السياسة الأميركية، لافتاً إلى أن الحركة تجري مشاورات مع الفصائل الفاعلة بغزة والوسطاء قبل التحرك «نحو الموافقة على الاقتراح».

تأييد ومباحثات

إلى ذلك، توالت ردود الفعل الدولية والإقليمية المشجعة على المضي بخريطة إنهاء الحرب، إذ أعربت وزارة الخارجية عن تثمين دولة الكويت للمقترح الذي تقدمت به الولايات المتحدة ممثلة بالرئيس الأميركي لوقف العدوان على غزة، وتؤكد ثقة الكويت التامة بوساطة كل من قطر ومصر المبذولة في هذا السياق.

وأكدت وزارة الخارجية، في بيان، دعم الكويت لكل الجهود الرامية إلى تحقيق الوقف الفوري لإطلاق النار والانسحاب الكامل لقوات الاحتلال الإسرائيلي، وتقديم المساعدات الإنسانية الملحة للشعب الفلسطيني في القطاع، وتمكين النازحين منهم من العودة إلى ديارهم.

في هذه الأثناء، استضافت العاصمة المصرية اجتماعا ثلاثيا بين مسؤولين مصريين وأميركيين وإسرائيليين، لبحث إعادة تشغيل معبر رفح المغلق منذ سيطرة الجيش الإسرائيلي على جانبه الفلسطيني مطلع مايو الماضي.

ونقل عن مصادر مصرية أن القاهرة طرحت ورقة مطالب على واشنطن، وتتمسك برفض إعادة تشغيل المعبر طالما استمرت السيطرة الإسرائيلية العسكرية عليه «وتميل إلى القبول بوجود بعثة أوروبية» لتشغيل المعبر من الجانب الفلسطيني، بينما ترغب إسرائيل في وجود «بعثة أممية» فقط.

من جهتها، أوضحت مصادر في «حماس» أن رؤية الحركة تتطابق مع القاهرة، لافتة إلى أنها لا تعارض فكرة «إدارة السلطة الفلسطينية» للمعبر ضمن إطار تشغيل ثلاثي.

قصف وضحايا

ميدانياً، تسببت الاعتداءات العسكرية الإسرائيلية في عموم مناطق القطاع بارتفاع عدد قتلى الحرب إلى 36 ألفا و379، في حين أعلنت هيئة الطوارئ مخيمي جباليا وبيت حانون منطقتين منكوبتين، بعد الدمار الهائل الذي خلّفه الجيش الإسرائيلي فيهما.