دخل المرشد الإيراني علي خامنئي على خط التفاعل الدولي الواسع مع خريطة الطريق التي طرحها الرئيس الأميركي جو بايدن أخيراً لإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة الفلسطيني، مطالبا الشعب الفلسطيني بعدم التعويل على وقف إطلاق النار في موقف رأت به الرئاسة الفلسطينية «تضحية بالدم الفلسطيني... لن تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة».
وأشاد خامنئي، خلال كلمة بمناسبة ذكرى رحيل مؤسس الجمهورية الإسلامية روح الله الخميني، في طهران أمس، بهجوم «طوفان الأقصى»، الذي شنته «حماس» على مستوطنات وقواعد غلاف غزة في 7 أكتوبر الماضي، وأشعل فتيل الحرب الحالية، معتبرا أنه أفشل مخططاً لجعل إسرائيل جزءا من المنطقة عبر التطبيع معها.
ودعا المرشد الأعلى «الجميع بألا يعقدوا آمالهم على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة»، مضيفا أنه «على الشعب الفلسطيني أن يأخذ حقه في ميدان العمل بعد أن أخذ العدو إلى زاوية لا يوجد مخرج منها، ويجبر إسرائيل على التراجع»، مشددا على أن «عملية طوفان الأقصى ضربة قاصمة لن تتعافى إسرائيل منها».
رد الرئاسة الفلسطينية
وفي بيان لها، ردا على خامنئي قالت الرئاسة الفلسطينية إن «الذي يدفع ثمن الحرب الإسرائيلية واستمرارها هو الشعب الفلسطيني، وهو أول المتأثرين بهذه الحرب، التي تستبيح دماءه، والتي أسفرت منذ 7 أكتوبر الماضي عن ارتقاء أكثر من 36 ألف شهيد، ونحو 83 ألف جريح، وتدمير البنية التحتية من مستشفيات ومدارس ومساجد وكنائس، وتشريد آلاف المواطنين، وإبادة مئات العائلات».
وأضاف البيان الفلسطيني أن «هذه التصريحات التي تعلن بوضوح أن هدفها هو التضحية بالدم الفلسطيني وبآلاف الأطفال والنساء والشيوخ، وتدمير الأرض الفلسطينية، لن تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وأن الشعب الفلسطيني يقاتل ويكافح منذ 100 عام، وهو ليس بحاجة إلى حروب لا تخدم طموحاته إلى الحرية والاستقلال، والحفاظ على القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية».
نتنياهو يتملص
في المقابل، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن المرحلة الأولى من الخطة الأميركية التي تتضمن إطلاق سراح عدد محدود من الرهائن لدى «حماس»، يمكن تنفيذها دون الاتفاق على كل شروط المراحل اللاحقة.
وأشار إلى أنه يمكن وقف القتال حتى إطلاق سراح الرهائن، ولكن لا يمكن أن توقف إسرائيل الحرب قبل الانتصار الشامل، محذرا من أن «إيران ووكلاءها يريدون رؤية إسرائيل تستسلم، وهذا لن يحدث».
وكان مكتب نتنياهو أكد في وقت سابق أن مسودة اقتراح صفقة تبادل الأسرى مع «حماس» لا تتضمن أي بند لوقف الحرب على قطاع غزة، كما قال نتنياهو إن إسرائيل تريد حكومة في غزة ليست من «حماس» ولا «فتح».
إلى ذلك، اتهم وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف، إيتمار بن غفير، الذي هدد مع وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بالانسحاب من الحكومة الائتلافية، نتنياهو بالمماطلة في إطلاعه على مسودة المقترح، بهدف تمرير «اتفاق سيئ سيؤدي إلى إنهاء الحرب دون إبادة حماس».
سرب جديد من F35
وفي ظل تنامي الخلافات الإسرائيلية الداخلية بين اليمين المتشدد وأطراف أخرى تحذر من إحداث ضرر بالعلاقات بين الدولة العبرية وحليفتها الدولية الأبرز، واشنطن، بدأ وفد عسكري إسرائيلي رفيع المستوى مباحثات في العاصمة الأميركية مع كبار المسؤولين الأميركيين، لمناقشة «التهديد الإيراني واستمرار عمليات القضاء على قدرات حماس العسكرية والحكومية وإعادة الرهائن».
وجاء وصول الوفد الإسرائيلي إلى واشنطن، بعد ساعات من موافقة الحكومة الإسرائيلية على شراء سرب جديد من مقاتلات «F35» الشبحية الأميركية لتعزيز التفوق العسكري الإقليمي.
وأكد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، خلال محادثات مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، إصرار تل أبيب على «تفكيك حكم حماس ووجودها كسلطة عسكرية في إطار أي اتفاق لإنهاء الحرب»، وناقش غالانت مع بلينكن «قضية تحديد البديل الفلسطيني المحتمل لسلطة حماس وتمكينه».
ضمانات «حماس»
على الجانب الفلسطيني، سربت «حماس»، التي تتعرض لضغوط مصرية وقطرية، بهدف دفعها إلى قبول خطة التسوية، أنها تشترط الحصول على ضمانات مكتوبة وواضحة وكاملة ومعروفة وقابلة للتنفيذ من الولايات المتحدة، بهدف إلزام إسرائيل ببنود الاتفاق المزمع.
في هذه الأثناء، صرح وزير الخارجية المصري سامح شكري، أمس، بأن القاهرة واضحة بشأن رفضها للوجود الإسرائيلي في معبر رفح الحدودي بين سيناء المصرية وغزة، لافتا إلى أنه من الصعب أن يستمر المعبر في العمل دون إدارة فلسطينية، وقال إن «حماس قالت إن المقترح المقدم من بايدن إيجابي ونحن الآن ننتظر إسرائيل».
قتلى وضحايا
ميدانياً، شهدت عدة مناطق في شمال ووسط وجنوب القطاع معارك عنيفة بين عناصر الفصائل والجيش الإسرائيلي، فيما أوضحت السلطات الصحية بغزة أن 60 شخصا قتلوا جراء الاعتداءات الإسرائيلية خلال الساعات الـ24 الماضية، ما يرفع إجمالي عدد الشهداء إلى 36439، غالبيتهم مدنيون.