يتوقع صندوق النقد الدولي أن يسجل الاقتصاد العالمي نمواً بوتيرة ثابتة وإن كانت بطيئة نسبياً بنسبة 3.2 بالمئة في عامي 2024 و2025، بما يتسق مع معدل النمو المسجل عام 2023، إلا أن آفاق النمو وأسعار الفائدة الرسمية تتباين على مستوى دول العالم، إذ لا تزال توقعات النمو في الولايات المتحدة خلال عامي 2024 - 2025 متقدمة بفارق كبير عن الأسواق المتقدمة الرئيسية الأخرى.
وقد يؤدي ذلك، وفق تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، إلى جانب تباطؤ وتيرة تدني التضخم في الولايات المتحدة، إلى إبقاء مجلس الاحتياطي الفدرالي على أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول، في تناقض مع توقعات السوق التي أشارت قبل بضعة أشهر إلى خفضها بوتيرة قوية هذا العام.
أما في منطقة اليورو، فقد أدى ضعف وتيرة النمو والتراجع الحاد لمعدل التضخم إلى اقتراب البنك المركزي الأوروبي من اتخاذ أولى خطواته لخفض سعر الفائدة، والذي قد يحدث على الأرجح في اجتماع البنك المقرر عقده هذا الأسبوع.
من جهة أخرى، قد يسهم انخفاض قيمة الين الياباني واستمرار ارتفاع معدل التضخم في استمرار بنك اليابان مواصلة رفع سعر الفائدة خلال العام الحالي، إلا أن التراجع المستمر في الإنفاق الاستهلاكي يبرر اتباع نهج أكثر حذراً. وساهمت السياسة الصينية ذات التوجه الصناعي في تعزيز التوقعات على المدى القريب، إلا أن النمو الاقتصادي لا يزال يواجه العديد من الرياح المعاكسة على المدى المتوسط. وأخيراً، لا تزال الهند تنفرد بنمو اقتصادي قوي، والذي يعد الأعلى على مستوى الاقتصادات الكبرى.
بعد تسجيل الاقتصاد الأميركي لمعدلات نمو فاقت التوقعات على مدار ربعين متتاليين، بدأ نمو الناتج المحلي الإجمالي يتباطأ مسجّلاً 1.3 بالمئة (على أساس سنوي) في الربع الأول من عام 2024 مقابل 3.4 بالمئة في الربع الرابع من عام 2023، نتيجة لاتساع عجز الميزان التجاري وتباطؤ نمو النفقات الحكومية والشخصية.
الربع الثاني
وتشير توقعات السوق الربع الثاني إلى تحسُّن معدل النمو بنسبة 2 بالمئة أو أكثر - والذي لا يزال يشير إلى فقد بعض الزخم مقارنة بالنصف الثاني من عام 2023. إلا أن المؤشرات الأخيرة ترسم توقعات متباينة في ظل ركود مبيعات التجزئة والإنتاج الصناعي في أبريل وتحسّن مؤشر ستاندرد آند بورز المركّب لمديري المشتريات في مايو (54.3 نقطة، والتي تعتبر أعلى المستويات المسجلة في عامين) على خلفية نمو النشاط الاقتصادي.
ويعتبر سوق العمل من أبرز المجالات الرئيسية التي يجب مراقبتها، خاصة في ظل مؤشرات التراجع التي بدأ يشهدها، نتيجة لانخفاض معدل نمو الوظائف في أبريل إلى 175 ألف وظيفة على أساس شهري مقابل +315 ألف وظيفة في مارس، وارتفاع معدل البطالة (3.9 بالمئة) وتباطؤ نمو الأجور (3.9 بالمئة على أساس سنوي - والذي يعد أبطأ وتيرة ارتفاع يتم تسجيلها منذ يونيو 2021).
وفي الوقت ذاته، وبعد صدور بيانات التضخم التي كانت مرتفعة نسبياً في الربع الأول من العام، ساهمت قراءة مؤشر أسعار المستهلكين لشهر أبريل في تهدئة بعض المخاوف بعد اعتدال وتيرة التضخم إلى 3.4 بالمئة على أساس سنوي مقابل 3.5 بالمئة في مارس، مع تراجُع المعدل الأساسي أيضاً لأدنى مستوياته المسجلة في 3 أعوام عند 3.6 بالمئة.
ورغم تثبيت مجلس «الاحتياطي الفدرالي» لسعر الفائدة عند نطاق 5.25 - 5.5 بالمئة في مايو، إلا أنه أبطأ وتيرة خفض ميزانيته العمومية (التشديد الكمي) من 95 مليار دولار إلى 60 مليارا شهرياً، اعتباراً من يونيو، ليوازن السيولة ضمن السوق.
وشهد نمو الفئة الفرعية لمؤشر السكن، ذي الثقل الكبير في سلّة التضخم، تراجعاً بوتيرة متواضعة فيما يعزى إلى منهجية الاحتساب، إلى جانب تضخم الخدمات الأخرى الذي لا يزال مرتفعاً، الأمر الذي سيدفع «الاحتياطي الفدرالي» لتبنّي نهج حذر في اجتماعه المقرر انعقاده في 11 - 12 الجاري. وفي الوقت الحالي، تقوم الأسواق بتسعير خفض سعر الفائدة بمقدار 25 الى 50 نقطة أساس بنهاية العام الحالي.