استعجلت الولايات المتحدة وقطر ومصر، إسرائيل وحركة حماس، لإعلان قبول خريطة الطريق التي طرحها الرئيس الأميركي جو بايدن الجمعة الماضية، بهدف إنهاء حرب غزة وتبادل إطلاق سراح المحتجزين في ظل سباق مع الزمن للحيلولة دون انزلاق تبادل القصف بين الدولة العبرية و«حزب الله»، الذي أدى إلى اشتعال حرائق كبيرة على جانبَي الحدود خلال اليومين الماضيين إلى «انفجار شامل بجبهة لبنان».
وذكرت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا غرينفيلد، ليل الاثنين ـ الثلاثاء، أن واشنطن تريد من مجلس الأمن الدولي أن يتبنى قراراً يدعم اقتراح بايدن.
وقالت إن «العديد من الزعماء والحكومات، بما في ذلك بالمنطقة، أيدوا الخطة، وندعو مجلس الأمن إلى الانضمام إليهم في الدعوة إلى تنفيذ هذا الاتفاق بلا إبطاء ومن دون شروط أخرى».
في موازاة ذلك، حثّ الرئيس الأميركي، أمير قطر الشيخ تميم بن حمد على «اتخاذ كل الإجراءات المناسبة» لضمان موافقة «حماس» على الخطة المطروحة لإنهاء الحرب المتواصلة منذ 242 يوما.
وقال البيت الأبيض إن بايدن والشيخ تميم «أكدا أن الاتفاق الشامل لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن المطروح الآن على الطاولة يقدّم خريطة طريق ملموسة لإنهاء الأزمة في غزة».
وأضاف البيت الأبيض: «أكد الرئيس استعداد إسرائيل للمضي قُدماً في البنود التي جرى تقديمها الآن إلى حماس».وأمس، ألمح الرئيس الأميركي، خلال مقابلة مع مجلة تايم إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، يطيل الحرب على غزة من أجل الحفاظ على مصالح سياسية شخصية، مشيراً إلى أن الخلاف الرئيسي بينهما هو «ماذا سيحدث بعد انتهاء حرب غزة؟ ماذا سيحدث بعد ذلك؟ هل ستعود القوات الإسرائيلية إلى هناك؟ لقد تحدثت مع المصريين والسعوديين والأردنيين والإماراتيين. والإجابة هي أنه إذا كان الأمر كذلك، فلن ينجح هذا الأمر».
مطالبة ووفد
من جهتها، أكدت قطر، على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية ماجد الأنصاري، ضرورة أن يكون هناك موقف واضح من طرفَي الصراع في غزة من أجل التوصل إلى اتفاق على وقف إطلاق النار في القطاع.
وقال الأنصاري إن الدوحة تنتظر موقفاً إسرائيلياً واضحاً يمثّل الحكومة بأكملها رداً على المقترح الأميركي بشأن غزة، لافتا إلى سماع آراء متعارضة داخل حكومة نتنياهو حول الاقتراح.
وأكد أن «المبادئ الواردة في خطاب بايدن بشأن غزة تجمع مطالب جميع الأطراف».
وشدد على أن اتصالات الوساطة التي تقوم بها الدوحة والقاهرة، بالتنسيق مع واشنطن، مستمرة، لكنّه أوضح أن الاجتماعات المباشرة بين المفاوضين الرئيسيين لم تبدأ بعد، بانتظار وصول ردود واضحة من الطرفين على المقترحات التي أعلنها بايدن. وبيّن أنه لا يوجد مدى زمني لوصول الموافقات من الطرفين، «لكن يجب وقف هذا العدوان والكارثة الإنسانية فوراً».
في هذه الأثناء، أفادت أوساط مصرية بأن وفداً إسرائيلياً جديداً ينتظر أن يصل القاهرة خلال ساعات، ويحمل معه موافقة إسرائيلية على الدخول في محادثات بشأن اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
وتحدثت الأوساط عن أن الاتفاق سيشتمل على جدول زمني لصفقة من شأنها أن تدخل حيز التنفيذ بداية الأسبوع المقبل في حال أثمرت «الضغوط المكثفة التي تمارسها واشنطن» على حليفتها بموازاة الضغوط الدبلوماسية التي تضطلع بها القوى الإقليمية لإقناع «حماس» بقبول خطة بايدن.
ولفتت مصادر إلى أن مصر تخشى من عدم التزام إسرائيل باتفاق وقف إطلاق النار بعد استقبال بعض الأسرى خلال المرحلة الأولى التي تمتد لـ 6 أسابيع.
وإضافة إلى ذلك تعوّل القاهرة على جهودها الدبلوماسية لتجاوز الخلافات بين حركتَي حماس وفتح لإجراء انتخابات فلسطينية تمهد لخطط إدارة غزة والأراضي الفلسطينية بـ «اليوم التالي» لانتهاء الحرب.كما جدد وزير الخارجية المصري سامح شكري، أمس، تمسّك بلده بإغلاق معبر رفح الحدودي مع غزة، بعدما أصبح مسرحا للعمليات العسكرية الإسرائيلية، معبّرا عن حرص مصر على توفير نقل المساعدات الإنسانية من معبر كرم أبو سالم.
رصّ ورفض
في غضون ذلك، شرع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بسلسلة من اللقاءات المكثفة مع وزراء وأعضاء «كنيست» وقيادات في حزب الليكود، في محاولة لإقناعهم بدعم مقترح بايدن.
وتمكّن نتنياهو من تأمين موافقة حزب شاس اليهودي المتزمت ضمن جهوده لرصّ صفوف حلفائه بمواجهة الضغوط السياسية التي يمارسها الوزيران المتطرفان إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش لمنعه من إتمام الصفقة التي يصفونها بـ «الانهزامية».
وإضافة إلى إعلان «شاس»، العضو في الائتلاف الحاكم، أنه سيؤيد الصفقة، أوضح الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، أنه سيدعم «أي صفقة» مع «حماس» من شأنها إعادة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين.
كما جدد زعيم المعارضة يائير لابيد تأييده للصفقة، حتى لو أدى ذلك إلى «وقف حرب غزة».
في المقابل، نفت «حماس» إرسال وفد إلى القاهرة لاستئناف التفاوض من نقطة الصفر.
جبهات الدم
ميدانياً، زعم الجيش الإسرائيلي أنه قصف 65 هدفاً في غزة خلال الـ 24 ساعة الماضية، فيما أظهرت معطيات سلطات الاحتلال إصابة 17 جنديا خلال المعارك بعموم مناطق القطاع خلال الساعات الـ 24 الأخيرة.
من جهة ثانية، دعا مفوض الأمم المتحدة السامي، فولكر تورك، إلى إجراء مساءلة في مقتل أكثر من 500 فلسطيني بالضفة الغربية منذ بدء حرب غزة، منددا بسفك دماء غير مسبوق وغير منطقي ترتكبه سلطات الاحتلال بحق الفلسطينيين.
وعلى جبهة أخرى، تبادل «حزب الله» والجيش الإسرائيلي شنّ ضربات جوية ومدفعية على مناطق حدودية شملت بلدات الناقورة وكفركلا وأطراف دير ميماس ومجرى نهر الليطاني في جنوب لبنان ومستوطنات وبلدات كريات شمونة والجليل الشرقي وثكنة معالي غولاني في الجولان السوري المحتل.
وفي حين أعلن جيش الاحتلال أن قواته نفّذت 100 عملية اغتيال لعناصر الحزب بناء على جمع معلومات استخباراتية، دعا وزير الأمن بن غفير إلى «إحراق لبنان كله» رداً على القصف الصاروخي للحزب الذي تسبب في اشتعال حرائق غابات بـ 15 موقعا أسفرت عن تدمير أكثر من 10 آلاف دونم تستغرق إعادة تأهيلها سنوات، إضافة إلى تدمير نحو 180 منزلا.