ما إن دخلت مبنى قصر السلام (الضيافة) حتى أعادتني الذاكرة إلى 42 سنة مضت عندما التقت الجالية اللبنانية برئيس الوزراء آنذاك شفيق الوزان عام 1982 الذي كان ينزل ضيفاً في هذا القصر، كنا مجموعة من الأصدقاء توافدنا إلى القصر الأسبوع الماضي منهم من اعتذر ومنهم من حضر وهم: السيدة عايدا ميرزا والسيد وليد الكعكي.

تم استقبالنا بطريقة راقية جداً ومرافقتنا والشرح الوافي الذي تدربت عليه مجموعة من بنات الكويت الرائعات، وكل هذا يعود إلى الشيخة منى الجابر العبد الله الصباح التي تقف وراء مشروع إعادة بناء القصر وترميمه وتحويله إلى متحف.

Ad

استعنت بكتاب فخم وأنيق يحمل عنوان «قصر السلام... الماضي والحاضر» للشيخة منى الجابر وفيه توثيق رائع وصور نادرة تنشر لأول مرة، وروايات تاريخية عن «معلم تاريخي ووطني» مترامي الأطراف يقبع على شاطئ الخليج العربي.

فكرة الكتاب تعود إلى عام 2013 عندما تقدمت الشيخة منى الجابر الصباح باقتراح بإنشاء متحف يوثق تاريخ الكويت، لاقى المشروع التشجيع والقبول من الديوان الأميري ليتم اختيار قصر السلام مكاناً له.

عام 2013 دارت العجلة ولسبع سنوات، تمت خلاله إعادة تأهيل القصر وتحويله إلى متحف فريد من نوعه... فكرة تصميم القصر ولدت عام 1958 أثناء زيارة قام بها كل من الشيخ فهد السالم الصباح، والشيخ سعد العبدالله السالم الصباح إلى القاهرة، التقى خلالها بالشاب المهندس مدحت العبد، حيث تقدم بفكرة التصميم القائمة بشكل دائري بأن قلب مطفأة السجائر التي كانت أمامهم، وهذا ما تحقق، ليتم تكليف شركة العبد التي يملكها والد المصمم وأشقاؤه ببناء قصر السلام.

كان الشيخ سعد العبدالله يشارك المهندس في كل خطوة، إلى أن خرج البناء والقصر إلى النور، حينها برزت حاجة الدولة إلى قصر للضيافة يقيم فيه ضيوف الدولة الرسميون والكبار، ويقرر الشيخ عبدالله السالم الصباح تخصيصه كقصر مميز لإقامة الوفود الرسمية وجعله مقراً للضيافة بعد تحويل ملكيته إلى الدولة.

عملية التأثيث الأولى استغرقت نحو 4 سنوات (1961-1964) تلا ذلك تجديد ديكور القصر وأثاثه (1975-1977) ويشهد على مر تاريخه استقبال أكثر من 166 زيارة على مستوى ملوك وأمراء ورؤساء دول، وأساس بناء القصر أن يكون سكناً للشيخ سعد العبدالله السالم الصباح.

دليلنا إلى القصر عدد من الشابات الكويتيات استمر حوالي الساعة والنصف، أخذتنا الجولة إلى بدايات تأسيس الإمارة وتاريخ الحكام من آل الصباح الكرام وبطريقة سهلة وعملية للتعرف على أهم الملامح والمحطات في تاريخ كل حاكم.

جلسنا لمشاهدة فيلم توثيقي عن فترة الغزو العراقي والدمار الذي ألحقه بالكويت والقصر، ثم جلسة ثانية لعرض فيلم خاص بالقصر وتاريخه وما تعرض إليه.

متحف عالمي في قصر السلام ومتحف رسمي للدولة كان بحق معلماً يستحق الزيارة... فشكراً لكل من ساهم في إحيائه وإعادة ترميمه وتحويله إلى فضاء يزخر بحكايات التاريخ.