النجاح والبيئة المناسبة
يعتبر النجاح من أبرز الغايات والأهداف السامية التي يسعى الإنسان إلى تحقيقها في حياته، فالنجاح ليس سعياً نحو تحقيق أهداف معينة فقط، بل يتطلب الجد والاجتهاد والتخطيط والسعي الدائم لتطوير الذات وتعلم مهارات مجتمعية جديدة New Skills بعضها وراثي Genetical وبعضها مكتسب Acquired من خلال قدرة الإنسان على التعلم واستثمار البيئة من حوله وتحويلها الى بيئة محفزة وداعمة Conducive & Supportive Environment للنجاح والتطوير والتنمية المستدامة.
وتؤثر البيئة المجتمعية على إمكانية تحقيق النجاح، فإما أن تكون محفزة وداعمة، وإما أن تكون عكس ذلك، أي محبطة ولا تدعم التطور والنمو، وبالتالي تكون معوقة لتحقيق النجاح وتؤدي إلى الفشل والتخلف.
ويقول ويل ديورانت Will Durant مؤلف موسوعة قصة الحضارة: «كثير من أبطال التاريخ كانوا أشخاصاً عاديين بقدرات عادية لكنهم وجِدوا في الوقت والمكان المناسب»، وهذا يفسر كيف تؤثر البيئة المحيطة بالإنسان وتضغط عليه وتدفعه باتجاه معيّن، فالإنسان وليد بيئته، ولذا فإنّ المبتكر لو نقلته إلى بيئة لا تعطي أيَّ تقدير أو اهتمام للمبتكرات الإنسانية، فإنه لن يستطيع تحقيق ما حققه أينشتاين Albert Einstein وجوبز Steven Jobs وآخرون، بل على العكس، فقد يتجه الإنسان لإعادة ابتكار بعض العادات والأفكار السيئة التي يمكن ألا تضر بذاته فحسب بل بالبشرية جمعاء.
فالنجاح مرتبط بالبيئة المحيطة وبمقدار قابلية الإنسان للتأثر والتأثير بها، وعلى قدرة النفس البشرية وإرادتها ومدى صلابتها وبصيرتها للأمور، وتظهر المعادن البشرية في وقت الشدة وفي ظل البيئات السلبية، فأغلب الناجحين نشؤوا في مجتمعات فقيرة وبيئات طاردة لكنهم وصلوا إلى القمة بفضل التحدي والعزيمة والإصرار والرغبة في تحقيق أهدافهم.
في ظل الأوضاع والصراعات السياسية المحلية وممارسات السلطتين التنفيذية والتشريعية والتعدد في التشكيلات الحكومية وفي ظل البيئة التنظيمية والإدارية والقوانين والتشريعات والنظم الاقتصادية والمفاهيم والمبادئ والأعراف والقيم الاجتماعية التي توارثتها الأجيال منذ بداية الحياة الدستورية علاوة على المتغيرات الجيوسياسية والتكنولوجية والإقليمية والدولية المتسارعة من حولنا هل تتوافر لدينا البيئة المناسبة والمحفزة والداعمة للتطوير والتنمية المستدامة؟!
الإجابة تجدها عند رجالات الدولة وأصحاب الفكر ورواد التغيير وقادة المستقبل.
ودمتم سالمين.