نعيش هذه الأيام فترة مصيرية وجديدة، ولا نبالغ إن قلنا مفصلية في تاريخ الدولة المعاصر، فإن كنا، وهذا لا خلاف عليه من صغير كان أو كبير، ملتفين حول قيادتنا السياسية ونناصرها في السراء والضراء وفي كل ظرف كان، إلا أن أعمال الحكومة الحالية ما زالت تحت وصاية الدستور والقانون والأعراف الإدارية.

لم يعطل ويعلق دستور الكويت بل بعض مواده المتصلة بالبرلمان، وعليه فإن الحياة وسيادة القانون ما زالت هي ذاتها كما هي، وفي واقع الأمر أيضاً فإن أمام الحكومة الحالية تحدياً قد يكون صعباً بطبيعته، وهو فعلاً الأصعب على مدار العقود الثلاثة الماضية، فالحكومة الحالية «تلعب» في الملعب دون مضايقات ولا «وشوشات» أو تشويش من البرلمان، ولكن يجب أن يكون كل هدف تحرزه لمصلحة «الشعب».

Ad

مبدئياً فالحكم على حكومة شكلت منذ أقل من شهر هو ظلم لها مهما كان، لكن للظرف الكويتي أحكامه والشعب متعطش لإنجازات وتطمينات عدة وجب وضعها في الحسبان، وعليه فإن تفعيل دور الإعلام بشكل حثيث للتصدي لأي شائعة كانت والأهم في هذه المرحلة «تطمين» الشعب وشرح حيثيات أي قرار أو حتى توجه هما من أولى الأولويات في هذه المرحلة. كما درج على لسان الناس أن مس جيب المواطنين إجراء قادم لا محالة من خلال عدد من القرارات الإدارية، وعليه فإن تطمينهم ومراعاة ظروف الشعب كافة يجب أن يكون أعلى سلم التوجهات الحكومية الآن.

وكما جاءت أخبار متفرقة يوم السبت الماضي بأن هذا التوجه سيكون تدريجياً ومراعياً للشرائح المختلفة للشعب ودخلهم المادي، إلا أن الأفضل أن يكون من خلال مؤتمر صحافي رسمي يوضح الآلية والتوجهات والمراحل بكل وضوح، ليتسنى للشعب تقييم القرار بكل موضوعية وبكل شفافية، وألا يستنبط كل شخص ما يريده من خلال بيان صحافي مبهم أو منقوص ولا حتى خرج من الناطق الرسمي للحكومة.

وما زلنا نقول ونكرر بأن ضبط السوق والأسعار هو الطريق الأسلم والأنجع للحكومة قبل اتخاذ أي قرار «قد» يمس جيب المواطن المنهك أصلا، وفي المقابل فإن القرار الصادر يجب أن يكون له مسوغ قانوني واضح وصريح، وأن ينصب في مصلحة الشعب بشكل أساسي، وأستشهد هنا بمثال بسيط كان قد أشغل العامة في غضون الأسبوع المنصرم وهو (وإن كان مستحقا) كبس وتقطيع السيارات، فقد لاكت الألسن هذا الموضوع، وفي رأيي هو أمر مستحق وجب شكر وزير الداخلية عليه وكل أعضاء فريقه، ولكن إن كان فيجب وضع القانون الخاص به إن لم يوجد، وإيضاح ذلك الأمر في بيان (تفصيلي) من الوزارة، حينها تجد أن من يعارض أو من يصطاد بالماء العكر لن يجد مجالاً للكلام أو حتى التعليق المشين، فقد كانت ملابسات هذا الأمر من بعد بيان وزارة الداخلية في عطلة نهاية الأسبوع تجعل الشارع «بين حانة ومانة»، وكل يفسر الأمر على ليلاه، فلتتبن الحكومة الآن مشروع قانون واضح وصريح يكون الشخص المستهتر فيه أمام طائلة القانون وبكل وضوح، ولتكبس وتقطع مركبته ومركبة من كان معه كذلك دون لومة لائم حينها.

وبما أن الفرص العدة توافرت لهذه الحكومة وفي هذا التوقيت تحديدا فمن السهل عليها اقتناصها وبشكل مدروس كذلك في تطوير وإيجاد رؤية زمنية واضحة لمعالجة اختلالات عدة في الشأن العام كتطوير المنظومة التعليمية، وتحسين معيشة المواطن، ومراقبة الأسعار، وتنوع مصادر الدخل، ووضع حلول جذرية لمعالجة التحديات الصحية وغيرها من الأمور، كما يتعطش الشعب في هذه الأيام للإنجازات المتعلقة بمصيره ومصير أجياله القادمة، وعليه فإن كل هذه التحديات وإيجاد الحلول لها وبلورتها في خط زمني واضح هو واجب التحقيق للمصلحة العامة.

ختاما لا يسعنا إلا أن ندعو أن تكون الأهداف مسجلة بالقريب العاجل لمصلحة الشعب الكويتي المتعطش للإنجازات على الأرض.

على الهامش:

زادت الثرثرة خلال الأيام الماضية عن نية سمو رئيس الوزراء زيادة عدد الوزراء ضمن فريقه، وان كان هذا توجه وجب وطال أمده إلا أن إيضاح المسألة وشرح الحقائب الوزارية الجديدة وماهيتها وصحة الخبر برمته من الأمور التي يجب على الأجهزة الإعلامية الرسمية توضيحه، وان كانت زيادة عدد الحقائب أو تقليصها وتقليص المصاريف أو استحداث جدد أمر مهم فمن المهم أيضا إيضاح الأسباب للشعب ليتسنى له معرفة توجهات المرحلة القادمة وما تنوي الحكومة فعله.

هامش أخير:

لا يسعنا إلا أن نهنئ ونبارك لسمو الشيخ صباح الخالد الصباح نيله الثقة الأميرية وتزكيته ولياً للعهد، ونسأل الله له التوفيق والسداد في قادم الأيام، وأمام التحديات الكبيرة التي ندعو الله سبحانه أن يعينه عليها.