صعّد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، (77 عاما)، خطابه المناهض لمجموعة من معارضيه في الداخل في الشهور الأخيرة، ويبدو في طريقه للذهاب أبعد من ذلك بعد إدانته التاريخية في محاكمة جنائية يتهم من دون أدلة خصمه السياسي الرئيس جو بايدن بالوقوف خلفها.

وأثار الأمر مخاوف من حملة حقيقية ضد ما يعتبره الرئيس معارضة حال فوزه بولاية ثانية في البيت الأبيض، والتي تعهد بأنها ستركز على «الانتقام».

Ad

وقال ترامب، لشبكة فوكس نيوز المحافظة، الأحد، «لديك روسيا ولديك الصين. لكن إذا كنت رئيسا ذكيا، تتعامل معهما دائما بسهولة بالغة، لكن العدو في الداخل يلحق الضرر بهذه البلاد».

وخلال ولايته الأولى، وصف ترامب الإعلام مراراً بأنه «عدو الشعب»، لكن انتقاداته الآن باتت أوسع. وأثناء تجمّع لمناسبة «يوم المحاربين القدامى» في نوفمبر في نيوهامشير، أعلن ترامب أن «التهديد القادم من قوى خارجية أقل شرا وخطورة من التهديد القادم من الداخل».

كان ذلك التجمّع ذاته الذي أثار ترامب تنديدات واسعة بعده لوصفه معارضيه في الداخل بـ «المتطفلين»، بينما اعتبر أن المهاجرين «يسمّمون الدم الأميركي»، وهي تصريحات شبّهها بايدن باللغة المستخدمة في ألمانيا النازية.

وخلال مؤتمر للمسيحيين الإنجيليين في ناشفيل في تينيسي، تطرّق ترامب إلى الحرب العالمية الثانية قائلاً عندما «كان بلدنا في حرب مع العدو»، في مسعى لدعم فكرته عن أعداء الداخل، وتابع: «هذه المرة، لا يأتي التهديد الأكبر من الخارج، أؤمن حقا بذلك. الأخطر هم الناس من الداخل. إنهم مريضون جدا».

وعاود ترامب المعروف بحديثه عن العلاقة الودية التي تربطه بقادة مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون إلى طرح الفكرة في مقابلة أجرتها معه مجلة تايم الشهر الماضي. وقال لدى سؤاله عما إذا كان مستعدا لتعليق العمل بفقرات من الدستور الأميركي للتعامل مع معارضيه: «أعتقد أن العدو في الداخل، في حالات كثيرة، أخطر بكثير بالنسبة لبلدنا من أعداء الخارج مثل الصين وروسيا وآخرين».

الشك واللوم

ويبقى السؤال: من هو بالضبط العدو في الداخل الذي يتحدث عنه ترامب؟ توضح ريبيكا غيل التي تُدرِّس العلوم السياسية في جامعة لاس فيغاس في نيفادا أن التصريحات «ليست موجهة ضد بايدن فحسب. ترون ازدياد التهديدات ضد أشخاص في المنظومة القانونية وقضاة ومدعين».

وخلال خطاباته، ندد ترامب مرارا باليساريين والإعلام والمهاجرين والشيوعيين ومن يصفهم بالنخبة السياسية. وقالت غيل: «يتوافق الأمر مع ما سمعناه على مر التاريخ في حكومات فاشية واستبدادية... إنه يزداد بكل تأكيد».

وظهر مصطلح «العدو في الداخل» في الساحة السياسية الأميركية عندما استخدمه السيناتور جوزيف ماكارثي في إطار حملته المناهضة للشيوعية في خمسينيات القرن الماضي. ويقول ليونارد غلاس، وهو أحد 27 طبيبا نفسيا ألّفوا معا كتابا بعنوان «حالة دونالد ترامب الخطيرة» عام 2017، إن الهدف الرئيسي لترامب من ترديد هذه العبارة بات إثارة غضب أنصاره.

وأفاد بأن الرئيس السابق يتعمد «الإلقاء المتكرر للشك واللوم في جميع خيبات الأمل على أولئك الذين يحملون وجهات نظر مختلفة. لا يُنظر إليهم على أنهم مواطنون يستحقون النقاش المحترم، بل مجرّد مغتصبين دنيئين».

ومع التفاف المحافظين حول ترامب، لا يبدي الكثير من نواب الحزب الجمهوري استعدادا للسيطرة على خطاب الرئيس السابق العدائي أو حتى التصريحات الصادرة عنهم.

وذكر موقع أكسيوس أن عضو «الكونغرس» عن تكساس تروي نيلس قال إن «الثمن سيكون باهظا» بعد صدور الحكم بحق ترامب في محاكمة نيويورك، مؤكدا «ستكون هناك دائما» اضطرابات، كما اتخذت تصريحات ترامب وأنصاره طابعا دينيا.

وقالت فيكتوريا جونسون، أستاذة علم الاجتماع في جامعة ميسوري، إن الخطاب يستهدف اليمين القومي المسيحي الذي يعمل ترامب بشكل متزايد على كسبه، مضيفة: «إما أنك مع الله أو مع الشيطان، هذه هي طريقة التفكير»، وتابعت «يصطفون مع المسيحيين الإنجيليين لكسب الأصوات، لكنه (ترامب) بكل وضوح ليس شخصا متدينا. إنها استراتيجية».

واستذكرت مثال الجنرال المتقاعد مايكل فلين، مستشار ترامب السابق للأمن القومي، الذي استقال بعدما كذب على مكتب التحقيقات الفدرالي بشأن اتصالاته مع روسيا، إذ إنه يقود حاليا جولة في أنحاء البلاد مصممة لحشد «جيش الله».

مجرم مدان

وللمرة الأولى، وصف بايدن سلفه ترامب بأنه «مجرم مدان»، ويشكل تهديداً أكبر للولايات المتحدة إذا فاز بولاية أخرى. وقال بايدن خلال حملة لجمع التبرعات في جرينتش بولاية كونيتيكت: «للمرة الأولى في التاريخ الأميركي، يسعى الآن رئيس سابق مجرم مدان إلى منصب الرئاسة، لكن بقدر ما هو مثير للقلق، فإن الأكثر ضرراً هو الهجوم الشامل الذي يشنه دونالد ترامب على نظام العدالة الأميركي»، مضيفا أنه من «التهور والخطر» القول إن نظام العدالة يسيطر عليه التزوير والتلاعب، لأن ترامب وحلفاءه لا تروق لهم النتيجة.

وقال مسؤولو حملة بايدن إنه أحجم إلى حد بعيد حتى الآن عن التطرق لحكم إدانة ترامب لتجنّب إيجاد انطباع بأنه يسيس العملية القضائية. وتقدم تعليقات الرئيس لمحة عن الكيفية التي يمكن بها هو وحملته استغلال إدانة ترامب ليثبتا للناخبين أن ترامب غير مؤهل للمنصب، وهي قضية يمكن أن تساعد في تحديد السباق الرئاسي هذا العام.

وأفادت متحدثة باسم حملة ترامب بأنه من «المخزي» أن تصف حملة بايدن ترامب بأنه مجرم مدان. واعترض ترامب على الحكم والإجراءات القانونية منذ إدانته، ويعتزم الاستئناف. وقال يوم الأحد إنه سيقبل الإقامة في المنزل أو السجن، ولكن سيكون من الصعب على الجمهور قبول ذلك.

إلى ذلك، بدأت محاكمة هانتر، نجل بايدن، بتهمة حيازة سلاح ناري بطريقة غير قانونية في أول محاكمة لابن رئيس حالي يمكن أن تهدد فرص والده في الفوز بولاية ثانية. وهانتر متهم بالكذب بشأن إدمانه على المخدرات عند ملئه استمارة للحصول على سلاح ناري عام 2018.

ووصل المتهم، (54 عاما)، إلى المحكمة في بلدته ويلمنغتون مصحوبا بأفراد عائلته وبينهم السيدة الأولى جيل بايدن، لكن بغياب الرئيس الذي عبّر عن حبه لابنه وامتنع عن التطرق إلى القضية نفسها.