سمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد، حفظه الله ورعاه، أمير استثنائي في حكمته وبُعد نظره وتفكيره في المستقبل.

فمنذ تقلده ولاية العهد في أكتوبر 2021، اتسمت قراراته بالحنكة والدراية واستشراف المستقبل، وكان يبشّر بعهد جديد وحقبة مختلفة تتبنى تصحيح المسار من خلال جدية في الإصلاح والكفاءة في إسناد المناصب بدورية متجددة في توليها والمتابعة الحثيثة والمحاسبة، وإحداث نقلة تطويرية نوعية للوطن.

Ad

وكنت وما زلت متفائلاً، وقد تواترت تلك التوجهات المباركة لدى كل من يعرفه والتقاه بعد توليه ولاية العهد.

وسرعان ما أفصح سموه عن تلك التوجهات المميزة كحاكم، فجاء خطاب 22/ 6/ 2022 لسموه لينقل الكويت إلى مرحلة غير مسبوقة، طوت صفحات خلافات الماضي ومقاطعة الانتخابات، وأحدثت تفاعلاً واسعاً في العملية السياسية كانت بمنزلة مصالحة وطنية كاملة، شهدت تفاؤلاً وتفاعلاً شعبياً غير مسبوق، خصوصاً أن خطاب 22/ 6 أوجد أرضية واسعة لإصلاحات سياسية كانت مرتقبة، ما فتئت أن دارت عجلتها، وكانت موضعاً لترحيب شعبي واسع والتفاف حول القيادة السياسية، فدشنت مرحلة إصلاحية غير مسبوقة.

وتوالت مجريات الأحداث، وبدأت مسيرة تصحيح المسار السياسي تتضح، وعبّرت عن ذلك خطابات سموه الخمسة التالية الصريحة في مضمونها ووضوحها بتحديد المسؤوليات وبتوجهاته الإصلاحية، وكان أبرزها خطابيه في نطقه السامي بافتتاح مجلس الأمة في يونيو 2023، ثم توّجَهُ نطقه السامي في 20 ديسمبر 2023 في جلسة قسمه أميراً للدولة.

وأكد سموه، في مناسبات عديدة، أهمية تصحيح المسار، بتأكيده الحفاظ على الثوابت الدستورية، ورفض التعدي عليها أو الخروج عنها. وشدد على الحفاظ على الهوية الوطنية وتنقية الجنسية الكويتية من العبث الذي تعرّضت له، قائلاً: «لقد ثبت للجميع مدى الضرر الفادح الجسيم الذي لحق بالهوية الوطنية من خلال العبث بالجنسية الكويتية، ونظراً لما تمثّله الهوية الوطنية من بقاء ووجود وقضية حكم ومصير بلد، فإن الاعتداء عليها هو اعتداء على كيان الدولة ومقوماتها الأساسية».

وها نحن اليوم نعيش نقلة نوعية لدولة قانونية بالقرار التاريخي المبارك، الذي عَبَرَ به سموه بسفينة الكويت إلى بر الأمان بتزكيته سمو الشيخ صباح الخالد ولياً للعهد، وهي تزكية أحدثت بهجة وفرحة وترحيباً شعبياً واسعاً لتحقيقها غايات عديدة، على رأسها وفي مقدمتها الاستقرار للدولة ومؤسسة الحكم، ونهج جديد في اختيار الأصلح والأكفأ لولاية العهد، بدلاً من قصرها على قواعد تقليدية صرفة مثل كبَر السن، والحفاظ على الأطر الدستورية المقررة المتاحة والمناسبة في التزكية والمبايعة.

تأكيد الحكم بذرية الشيخ مبارك بمفهومه الواسع والمقرر دستورياً في المادة 4 من الدستور، وإعطاء مثال للتداول السلمي الدستوري في مؤسسة حكم دستورية وراثية.

وسيكون لهذا النهج الذي تحقق بأعلى مراتب مؤسسة الحكم أثره وانعكاساته الإيجابية، لأنه صار نموذجاً يحتذى وركيزة لا بُد من أن تلمس أبعادها في كل مؤسسات الدولة.

وكل ذلك يعكس بصورة جليّة حكمة الأمير باختيار ولي عهد قدير، وليلتف الشعب حوله مبايعاً وقريراً.