قرار استبدال أسماء الشوارع قرار تاريخي وديموقراطي، وفوق هذا عملي وضروري، فكلنا يعلم أن الكثير، بل معظم مَنْ تم إطلاق أسمائهم على الشوارع هم شخصيات مجهولة، ولا نريد أن نقول نكرة. أسماء بعضها أتى من العدم، ولا يعني أو يمثل شيئاً، حتى لأقرب الناس له.

تسمية الشوارع والمناطق بمن هب ودب دليل على الفوضى والفساد، وتسيُّد الواسطة والمحسوبية في البلد، وهو دليل تمييز بين المواطنين، وتفضيل مَنْ لديه سطوة أو حتى حظوة على بقية خلق الله. استبدالها وإعادة البعض إلى حجمه ووضعه الطبيعي قرار صائب يتوافق مع العدالة والمساواة وسمات المجتمعات المتحضرة، ويتوافق في النهاية مع نظامنا الديموقراطي.

Ad

مع هذا، من الضروري الإشارة إلى أن هناك أسماء وشخصيات لابد من تخليدها والإشادة بأعمالها وما قدَّمت لهذا المجتمع، ليس تمجيداً أو تفخيماً لها، لكن تعظيماً وتقديراً للأدوار أو المساهمات التي قامت بها، وتعزيزاً لأهمية وضرورية مثل هذه المساهمات والأدوار في الحياة العامة.

إن القصد الأساسي من إطلاق الأسماء أو رز التماثيل والمجسمات، هو تمجيد وتثمين الظاهرة أو العمل الحسن الذي قام به هذا المواطن أو ذاك، ولا يُقصد به على الإطلاق تفخيمه أو تعظيمه، فمعظم المعنيين توفاهم الله، ولا ينفعهم مديح أو يضرهم ذم.

لهذا يجب أن نورث للأجيال القادمة تصميم أسرار القبندي، وبطولة مجموعة بيت القرين، وبسالة خلية المشاري، وبقية مَنْ خدموا أو ضحوا في سبيل الكويت، وذلك بإبقاء ذكرى أعمالهم حيَّة في ذهن وحياة مَنْ نربي من أجيال.

قرار مجلس الوزراء قَصَر إعادة النظر في الأسماء على الشوارع، ولم يأت على ذكر للمناطق السكنية التي سُمي بعضها بأسماء، للأسف، أضرَّت بالبلد أكثر مما نفعته. لهذا نتمنى من أجل التاريخية الحقيقية والديموقراطية للقرار أن تشمل إعادة النظر أسماء مناطقنا أيضاً، فهي الأكثر استخداماً وحضوراً من أسماء الشوارع، إذ ليس من الإنصاف أن نسمي منطقة كاملة باسم شخص لا لشيء إلا لأنه «شيخ». هناك مَنْ هو على الرأس والعين من الشيوخ، لكن هناك أيضاً مناطق تمَّت تسميتها بأسماء نعتقد أنها أضرَّت أكثر مما أفادت البلد.