أعادت أزمة تسريب اختبار مادة التربية الإسلامية لطلبة الثانوية العامة، أمس الأول، عقب تأكد وزارة التربية من تسريب نسخة الاختبار الأساسي والنسخ الاحتياطية البديلة، إحياء مقترحات «الاختبارات الإلكترونية» لمنع أي تسريبات مستقبلية.
وطرحت أوساط تربوية تساؤلات عدة حول مدى جدوى وجود اختبارات ورقية ومطبعة سرية وآليات مراقبة وتصحيح عفى عليها الزمن، وهي مطبقة منذ عقود من دون أي تطوير جذري، ومع ما تعانيه «التربية» من أزمة سنوية في تحدي ضبط الاختبارات ومنع تسريب الأسئلة، والذي تفشل فيه دائما، إذ يتم تسريب جزء أو كل الاختبارات، حتى انتشرت ظاهرة بيع نماذج الاختبارات في حسابات تخصصت في هذا النوع من الفساد التعليمي، وجنى مديروها آلاف بل ملايين الدنانير.
وجاء في مقدمة الحلول لتفشي ظاهرة تسرّب الاختبارات ما أعلن وزير التربية الأسبق، د. محمد الفارس، في رد برلماني له عام 2017 عن وجود خطة لاعتماد اختبارات الكترونية للطلبة لإنهاء أزمة تسريب الأسئلة ومنع الغش الحاصل فيها، إلّا أن مرور أكثر من 7 سنوات على هذا الأمر دون وجود شيء على أرض الواقع يطرح علامات استفهام وتساؤلات أين ذهب مثل هذا المقترح؟ ولماذا لم يطبّق وهو صادر من أعلى الهرم التربوي آنذاك؟
ميكنة اختبارات الوظائف الإشرافية
المحاولات التربوية لضبط الاختبارات كانت ناجحة إلى حد ما في بعض الحالات، حيث نجحت الوزارة في ميكنة اختبارات الوظائف الإشرافية، التي طبّقتها منذ سنوات، ويرى كثير من التربويين أنها ناجحة، وساهمت في تقليل فرص الغش، رغم أنه سجلت بعض حالاته في الاختبارات الإلكترونية للمتقدمين لشغل الوظائف الإشرافية.
طرح مناقصة
وطالبت «التربية» بطرح مناقصة عام 2023 لشراء أجهزة ومعدات خاصة بتصحيح اختبارات «تيمز» و«بيلرز»، التي تُعقد للطلبة عن طريق المركز الوطني لتطوير التعليم، بهدف رصد مستويات الطلبة، وهو ما يعكس وجود أطراف تربوية تؤمن بأهمية إدخال التكنولوجيا في إجراء الاختبارات وتصحيحها، بل إن وكيل التعليم العام الأسبق، محمد الكندري، سافر مع وفد تربوي إلى سلطنة عمان للتعرف على تجربتهم في ميكنة تصحيح الاختبارات، وبالتأكيد قدّم تقريرا عن هذه الزيارة.
مقترح تشفير الامتحانات
كما أن مدير منطقة الأحمدي التعليمية، وليد بن غيث، قدّم مقترحا متكاملا حول آلية الكترونية لاختبارات الثانوية لمنع الغش والتسريب، شرح من خلالها إجراءات تشفير الامتحانات والغاء المطبعة السرية، حيث تطبع الاختبارات في المدارس، مع وضع علامات مائية لكل مدرسة وكاميرات مراقبة في غرف الطباعة، لتكون الأمور تحت السيطرة، ويتم معرفة الجهة التي تسرّب الاختبار في حال حصوله بأسرع وقت ومحاسبة المتسبب، إلا أن هذا المقترح لم ير النور حتى الآن.
وهنا لا بد من طرح تساؤلات عديدة حول عدم قدرة «التربية» على تطوير آلياتها الخاصة بامتحانات الثانوية العامة، وهل يمكن الاستمرار بآلية مضى عليها أكثر عقود من دون تطوير، وهل يمكن للتكنولوجيا الحديثة أن تحل مشكلة التربية، وتنهي أزمة تسريب امتحانات الثانوية واستغلال بعض ضعاف النفوس ثغرات الكنترول والمطبعة لتحقيق الربح المادي غير الشريف على حساب مصلحة الطلبة والمجتمع والدولة؟