في أمسية من نوع استثنائي، استضاف مسرح الجامعة الأميركية، حفلا برعاية السفارة الإيطالية تضمّن أفضل الأغاني الأوبرالية، وجاء بعنوان Serata di Belcanto Italiano، حيث تضمنت الأمسية محطات متنوعة جمعت عزف البيانو والغناء الأوبرالي، وقدّم الثلاثي، السوبرانو فرانشيسكا مانزو، التينور أندريا تانزليلو، وصلات أوبرالية متقنة،
بمعية عازف البيانو جاكوبو سلفاتوري، في أمسية موسيقية خارجة عن المألوف، بحضور عدد من السفراء، والدبلوماسيين، والجالية الإيطالية، ومحبي الغناء الأوبرالي.
علاقات ثقافية
وبهذه المناسبة، أكد السفير الإيطالي لدى البلاد، لورنزو موريني، أهمية تعزيز العلاقات الثقافية بين الشعوب، واصفا إياها بأنها جسر مهم للتقريب بينهم، وهي وسيلة لتعريف الشعوب بالثقافة إيطالية وتاريخها. وفي كلمة على هامش مشاركته في احتفال موسيقي أقامته السفارة الإيطالية بالجامعة الأميركية، أشار موريني إلى اهتمام الشباب بالموسيقى الإيطالية، لأنها وسيلة تواصل بين الطلبة الكويتيين والإيطاليين، لذلك اخترنا الجامعة الأميركية كمكان رائع، حيث بإمكان طلبتها تعلّم لغة ايطاليا وثقافتها. ووصف اهتمام الكويتيين بالثقافة الإيطالية بـ «القوي للغاية»، لافتاً إلى أنه في تقاليدنا وثقافتنا وتاريخنا، فإن الموسيقى والفن بشكل عام، مرتبطان ارتباطاً وثيقاً بنمط حياتنا، ومن المهم أن نشارك أصدقاءنا الكويتيين هذه التقاليد.
وتابع: منذ وصولي إلى الكويت التقيت حوالي 20 إلى 23 شخصًا درسوا في إيطاليا، ولهذا السبب أودّ دفع المزيد من الطلاب للتقديم على الجامعات الإيطالية، وأيضا تدريس وتعلّم اللغة الإيطالية في الكويت.
وأشار إلى سعيه لاستقطاب أكبر عدد من الطلبة الكويتيين للدراسة في بلاده، وأن الكثيرين يعتبرون اللغة عائقا أمامهم، لكنّ هناك جامعات تدرس باللغة الإنكليزية، موضحا أن هناك عددا من الكويتيين يتقنون اللغة الإيطالية، ولافتا إلى أنه سيعمل على إيجاد كورسات لغة إيطالية للراغبين بتعلّمها، وأنه بانتظار إيجاد المكان المناسب لعقد هذه الكورسات التي ينوي احضار مدرسين إيطاليين متخصصين لتدريسها، بعد إحصاء عدد الراغبين بتعلّمها.
وعن مشاركة الشركات الإيطالية الكبرى في مشاريع التنمية الكويتية، قال إن الشركات الإيطالية نشيطة جدا في الكويت، ومنها شركة بيساروتي التي بنت مستشفى الأمومة الحديث، الذي سيتم تسليمه للسلطات الكويتية قريبا، كما أن بعض تلك الشركات تعمل بالكويت منذ سنوات كثيرة، ولديها التكنولوجيا المتطورة والخبرة الكافية بالسوق الكويتية، مما يمكنها من المشاركة في المشاريع الكبرى المقبلة.
من جانبها، عبّرت رئيسة الجامعة الأميركية في الكويت، د. روضة عواد، عن سعادتها بالحضور الكبير في الجامعة، وشكرت السفارة الإيطالية على إقامة هذه الأمسية، وهنأتها بمناسبة اليوم الوطني الإيطالي، ومن ثم علّقت قائلة: «شكرا للسفير موريني على إحضار الثقافة والموسيقى الإيطالية إلينا»، وأكدت عواد اهتمام الجامعة الأميركية بالثقافات المتنوعة، وأن الموسيقى هي لغة عالمية، ولها تأثير على الصعيد النفسي، فهي تثري الحياة بالإيجابية وكل ما هو جميل.
وأمام هذا الحضور المتلهف للسفر في عالم الأوبرا والعزف الراقي، انساب عزف سلفاتوري وغناء السوبرانو فرانشيسكا مانزو، التينور أندريا تانزليلو، فحاكى العزف والأغاني المشاعر، وأيقظا الأحلام مع عالمهما الأوبرالي، فرسموا لوحة شاعرية بأدائهم الرفيع والمتميز. فبدأوا بأوابرا Lucia di Lammermoor، وهي عبارة عن دراما تراجيدية كتبها أحد أشهر المؤلفين الموسيقيين الإيطاليين، وهو دومينيكو غايتانو ماريا دونيزيتي عام 1835. وحمل العزف والغناء للثلاثي رائحة الموسيقى الإيطالية، فرسموا في بداية الحفل لوحة فنية متكاملة من العزف والغناء نالت استحسان الجمهور.
يشار إلى أن المؤلف دونيزيتي ولد في 29 نوفمبر 1797، وكتب أكثر من 70 أوبرا، واشتهر بأنه ملحن غزير الإنتاج، نسبة لأعماله الأوبرالية، ومن أشهر أعماله «إكسير الحب»، و»عروس لامرمور»، و»دون باسكال».
من جانب آخر، لم تكن الأمسية عادية، إذ إن البرنامج كان مختارا بدقة، وأثبت الثلاثي احترافهم، لينطلق المشهد الموسيقي، مرة أخرى، بأجمل تجلياته، فغنّوا للمؤلف الموسيقي الإيطالي جوزيبي فيردي، الذي ألّف العديد من الأعمال الأوبرالية، وكان معروفا أن لديه حسا طبيعيا أهّله لكتابة الأعمال المسرحية. ومن أعماله «ريغوليتو» عام 1851، و»دون كارلوس» عام 1867، وغيرها من الأعمال الشهيرة.
وأظهرت المقطوعات الإمكانات الصوتية العالية، والاحترافية في الغناء الأوبرالي لكل من السوبرانو فرانشيسكا، والتينور تانزليلو، حيث حلّقوا بالحضور إلى فضاءات أوبرالية، وملأ أصواتهم أرجاء المسرح، وكان لافتا تفاعل الجمهور بشكل واضح، حيث حظيا بالترحيب والتصفيق بعد انتهاء كل وصلة أوبرالية، فغنّوا من أوبرا «لا بوهيم»، وتدور أحداثها حول قصة حب مأساوية، وهي عبارة عن أوبرا من 4 فصول للموسيقار الإيطالي جياكومو بوتشيني، وتأليف الشاعرين الإيطاليين كاتبي كلمات الأوبرا جيوسيبي جياكوسا، ولويجي ليغا.
تجدر الإشارة إلى أن ملحن الأوبرا جاكومو بوتشيني عاش في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، ومن أشهر أعماله: مدام بترفلاي، لا بوهيم، وتوسكا.
وفي الوصلة الأخيرة غنى كل السوبرانو فرانشيسكا، والتينور تانزليلو لمؤلف وقائد الأوركسترا الإيطالي ييترو ماسكانيي من أوبرا L’amico Fritz، وهي مكونة من 3 أعمال، عرضت لأول مرة عام 1891، حيث تفاعل معهم الجمهور بالغناء بشكل جميل ومنسجم مع عزف البيانو.
يشار إلى أن ماسكانيي مؤلف موسيقي اشتهر بأعمال الأوبرا الواقعية التي ظهرت في الساحة الموسيقية لإيطاليا في آخر 10 سنوات من القرن التاسع عشر.
وعلى هامش الحفل عبّر عازف البيانو جاكوبو سلفاتوري عن سعادته بوجوده في الكويت للمرة الأولى، مشيدا بحفاوة الاستقبال التي تلقاها، وذكر أن رحلته القادمة ستكون إلى العاصمة الإسبانية مدريد، ثم برلين في ألمانيا، مؤكدا أن الموسيقى لغة عالمية تعبّر عن المشاعر، ولا تحتاج إلى كلمات.