أعادنا معرض المغني العالمي شارل أزنافور للمصور الأرمني روجيه كاسباريان، الذي أقيم مساء أمس في صالة الفن المعاصر (CAP)، في الذكرى المئوية لميلاد أزنافور، إلى أسطورة الفن العالمي، وإلى زمن الغناء الجميل والرائع، حيث استمتع الحضور الكبير بهذا التنوع الفريد من نوعه للمصور كاسباريان، الذي استطاع أن يعطينا من خلال تاريخ أزنافور، الأرمني الأصل، الفرنسي الجنسية، العالمي الشهرة، صورة متكاملة عن رحلته في تاريخ الفن إلى تاريخ وفاته، وهو محمول بالنعش على أكف عناصر من الجيش في مأتم رسمي تقدمه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عام 2018.

هذا المعرض الرائع، الذي احتضنته «CAP»، والذي نظمته سفارة أرمينيا، بالاشتراك مع سفارة فرنسا، حضره جمهور رائع... سفراء، ودبلوماسيون عرب وأجانب معتمدون لدى البلاد، وجمهور من المواطنين والمقيمين من مختلف الأعمار، المتذوقون للغناء والفن والموسيقى.

Ad

وفي كلمة ألقتها بالمناسبة، قالت السفيرة الفرنسية لدى البلاد كلير لوفليشر: «إنه لشرف عظيم أن أقف أمامكم هذا المساء مع سفارة أرمينيا في الكويت، حيث نكرم حياة وإرث المغني الفرنسي والأرمني الاستثنائي، شارل أزنافور، في الذكرى المئوية لميلاده».

وأضافت لوفليشر: «لقد كان أزنافور أيقونة، لا يحتفل به في فرنسا وأرمينيا فحسب، بل في جميع أنحاء العالم، ولمساهماته الرائعة في الموسيقى والإنسانية تأثير دائم، حيث يواصل إلهام الجماهير في كل مكان، فقد كان فنانا حقيقيا، شارك باستمرار شغفه وقلبه مع العالم حتى أيامه الأخيرة».

وتابعت: «يعرف عنه أنه يتحدث بفخر عن تراثه المزدوج، ويُذكر بموهبته، وقصائده الغنائية المؤثرة وهروبه من الواقع، وقدرته على نقل المشاعر، وتعاطفه العميق، والتزامه تجاه بلديه (أرمينيا وفرنسا)، وهو أيضا رمز للفرنكوفونية، حيث يوضح كيف تجمعنا اللغة الفرنسية والقيم الفرنكوفونية في تنوعنا، وتعزز التواصل بين الناس والثقافات».

وأشارت إلى أن «الفرنكوفونية تجعل من الحوار بين الثقافات قوة دافعة وراء التغيير الإيجابي، وتفتح بديلا للفرضية المؤلمة المتمثلة في صراع الحضارات أو حرب الأديان، فنحن مواطنون عالميون».

واستدركت: «اليوم، نحن هنا أيضا للاحتفال بفن روجيه كاسباريان، الذي رأينا صوره في هذا المعرض لتكون شاهدا في الوقت المناسب على روح أزنافور وإرثه، ورغم حزننا لوفاة كاسبريان أخيرا، لكنه يشرفنا أن تكون ابنته، ليديا كاسباريان، معنا الليلة، فحضورها بمنزلة تذكير مؤثر بالعلاقة الدائمة بين بلدينا العظيمين والإعجاب المشترك الذي نكنه لشارلز أزنافور».

من ناحيته، ذكر سفير أرمينيا لدى البلاد سارمين باغداساريان، في كلمة مماثلة، «لمست موسيقى أزنافور قلوب الملايين في جميع أنحاء العالم، متجاوزة الحدود والثقافات والأجيال، فقد كان أزنافور أكثر من مجرد موسيقي. كان شاعراً وقائداً ورمزاً في فرنسا وأرمينيا وسفيراً ومنارة حب وصمود».

وأضاف باغداساريان: «كان أزنافور يحب بشدة دولتيه، فرنسا وأرمينيا. وبكلماته الخاصة، كان فرنسيا بنسبة%100 وأرمنيا بنسبة%100، ورغم أنه كان كلاهما بالفعل، لكنه كان أيضا مواطنا عالميا»، متابعا: «قام بتأليف وأداء أكثر من 1200 أغنية بتسع لغات، منها الفرنسية والإنكليزية والألمانية والروسية والإيطالية وبالطبع الأرمنية، ويعتبر أزنافور أحد أعظم كتاب الأغاني في كل العصور وأيقونة للثقافة الشعبية في القرن العشرين».

وأردف: «إضافة إلى مسيرته المذهلة، كان أزنافور أيضا إنسانا عظيما، وكانت حملاته لجمع التبرعات حاسمة في التغلب على الدمار الذي خلفه الزلزال المدمر الذي ضرب أرمينيا عام 1988، ومنذ ذلك الحين قام بجمع التبرعات للعديد من المشاريع الإنسانية في جميع أنحاء العالم، وتعاون مع زملائه الفنانين لمساعدة ضحايا زلزال هايتي عام 2010، وقام بتمويل مشاريع بحثية تستهدف الوقاية من الأمراض الخطيرة وعلاجها».

بدورها، قالت ليديا كاسبريان: «أنا هنا نيابة عن والدي، المصور روجيه كاسبريان، المعروف بتصويره جميع نجوم الموسيقى الفرنسية والعالمية الكبار وكذلك نجوم السينما في الستينيات، ولقب بعين الستين، فعلى سبيل المثال قام بتصوير جوني هاليداي، وإديث بياف، وجاك بريل، وداليدا، وكلود فرانسوا، وأيضا فرقة البيتلز، ورولينغ ستونز، ولويس أرمسترونغ، وراي تشارلز، وآلان ديلون، وصوفيا لورين، لكن رابطا خاصا جدا ربطه بشارل أزنافور، الذي كان يعرفه عن كثب، خاصة في أيامه الأولى».

وتابعت كاسبريان: «كان والدي وشارل أزنافور من أصل أرمني، ولكنهما ولدا في فرنسا، ما منحهما ثقافة مزدوجة غنية جدا، وكان الرجلان عصاميين، وحققا النجاح بفضل موهبتهما، ولكن قبل كل شيء بفضل مثابرتهما وعملهما المستمر».

واستطردت: «يتم الاحتفال بالذكرى المئوية لميلاد أزنافور في جميع أنحاء العالم، فقد كنت في الأسبوع الماضي في نيويورك في مقر الأمم المتحدة. وفي باريس، أصدر مكتب البريد الفرنسي طابعا بريديا خاصا بهواة الجمع، مستوحى من صورة معروضة في CAP تكريما له. واليوم أزنافور في الكويت، وغدا في أرمينيا، وبعد غد في الأرجنتين».

يذكر أن الحفل حضره مساعد الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون مساعد الزامل، وعازف الأكورديون بوريس ييجانيان، الذي جاء من أرمينيا، وتمكن من أن يبعث الحياة في موسيقى أزنافور من خلال أدائه المميز.